الثقة المفرطة التي يتحدث بها المسؤولون عن حصانة الاقتصاد الوطني من آثار الأزمة المالية تثير الخوف، فالقول بأن احتياطي الصرف يكفي لمواجهة آثار هذه الأزمة يؤكد مرة أخرى أن اقتصادنا مختزل في بيع النفط والغاز وشراء ما سواهما. فالدول الغنية والدول الصاعدة والدول الفقيرة كلها تعاني من آثار الأزمة ونحن في مأمن منها، ربما يعود السبب إلى أننا نعيش على الهامش لكن هذا لا يكفي لأننا نتعامل مع الآخرين ببيع النفط والغاز ولهم وشراء كل شيء منهم، ومثلما تم تبرير ارتفاع الأسعار خلال هذه السنة بالتقلبات التي شهدتها الأسواق العالمية فإن الكوارث التي ستحل بنا مستقبلا ستفسر بما يجري اليوم ويقال إنه لن يؤثر علينا. ربما تكون الحكومة محقة في تفاؤلها لأن احتياطي الصرف يضمن لها استيراد ما يأكله الناس لثلاث سنوات أخرى وهي مدة طويلة جدا في نظر الذين يسيرون الوضع لحظة بلحظة، ومن هنا فإن الأزمة لن تكون مؤثرة على الحكومة وهذا هو الأهم، والتفكير فيما بعد احتياطي الصرف أمر سابق لأوانه وقد يكون محاولة للإطلاع على الغيب. ثمن برميل النفط يتراجع وقد يصبح دون مستوى السعر المرجعي الذي تم اعتماده أساسا في قانون المالية الجديد، وهذا مؤشر خطير في بلد يعتمد بشكل كامل على صادراته من النفط والغاز، ومع هذا لا شيء يوحي بأننا نسير على طريق البحث عن حل لمشكلة التبعية للمحروقات التي بقينا نحذر منها منذ عقود دون أن نفعل شيئا. أن تواجهنا مشكلة فهذا أمر طبيعي وعلينا أن نجد لها الحل، وأن نتأثر بما يجري على الساحة المالية والاقتصادية العالمية فهذا دليل على أننا جزء من هذا العالم نؤثر فيه ونتأثر به، أما القول بأننا في مأمن فليس له إلا تفسير واحد وهو أننا لا نقدر حجم الكارثة التي تهددنا.