العلاقات بين الجزائر والمغرب تمر بامتحان عسير، فقد تخلى المسؤولون المغاربة عن تحفظهم وانخرطوا في حملة شتائم ضد الجزائر لا يمكن تبريرها، ويبدو أن الملك محمد السادس هو الذي أطلق هذه الحملة التي أصبحت اليوم أكثر تنظيما ورسمية. جوهر الحملة ليس انتقاد موقف الجزائر من قضية الصحراء الغربية، وهو أمر يمكن تقبله سياسيا ويمكن التعبير عنه بخطاب سياسي متوازن ويراعي الأعراف الدبلوماسية والحد الأدنى من اللياقة، لكن الأشقاء يركزون على مسائل تاريخية غاية في الخطورة، ورغم أن المتحدثين ليسوا مؤرخين ولا مثقفين لهم مصداقية فإنهم يعيدون نشر الأكاذيب التي يسوقها القصر منذ قرون، وهكذا أصبح الهم الأول للمغاربة هو التشكيك في وجود شيء اسمه الجزائر في التاريخ، وهم بذلك يعيدون إحياء الأوهام الإمبراطورية التي عادة ما كانت تراود كل ملوك وسلاطين الدنيا. الحملة التي يشنها الرسميون المغاربة، من خلال الخطابات الرسمية ومن خلال الشهادات التي يقدمها بعض رموز الحكم في المغرب، لن تغير في واقع الأمر شيئا، وهي ليست وسيلة جيدة للضغط على الجزائر لتغيير موقفها من الصحراء الغربية أو لإرغامها على فتح الحدود مجددا حسب الرؤية المغربية، لكنها في مقابل ذلك يمكن أن تخرب العلاقات بين البلدين وعلى المستوى الشعبي وإن حدث هذا فستكون الآثار مدمرة على المدى البعيد، بل إن هذه الحملة قد تجر الجزائريين إلى الرد لاحقا وهو ما يعني العودة إلى الوراء بدل السير قدما إلى الأمام، وفي كل الأحوال ستكون خسارة النظام في المغرب أعظم. يريد القصر أن يجعل من قضية الصحراء الغربية مسألة محورية لدى الشعب المغربي وهو لا يجد سبيلا إلى ذلك غير اتهام الجزائر بالسعي إلى إضعاف المملكة والمساس بوحدتها الترابية، والحقيقة أن هم المغاربة الأول، وكبقية الشعوب العربية، هو العمل والتعليم والصحة، وبالتأكيد فإن للقصر هموما أخرى لا يتقاسمها معه الشعب.