توصل الرباط حملتها المنظمة والمهيكلة ضد الجزائر لتشويه سمعتها والتشويش على مساعيها لتسوية نزاع الصحراء الغربية وفق الشرعية الدولية، مع تحميلها كل مصائب المغرب بدءا بغلق الحدود وصولا إلى تدفق المهاجرين الأفارقة، في وقت تتمسك الجزائر بتحسين علاقاتها مع الجارة المغرب وفق المصالح المتبادلة، وبمواقفها المتماشية مع الشرعية الدولية. فقد دعا رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، عاهل المغرب محمد السادس، إلى بدل المزيد من الجهد لدفع علاقات التآخي والتعاون بين البلدين الشقيقين إلى مستويات أعلى وآفاق أرحب، وقال في رسالة بمناسبة عيد الأضحى إنها تستجيب لتطلعاتهما وآمالهما في التقدم والرقي. ومن جهته اعتبر الوزير المنتدب المكلف بالشؤون المغاربية والإفريقية عبد القادر مساهل، أنه لا يمكن تصور اتحاد المغرب العربي خارج بعض الاعتبارات السياسية المتعلقة بتسوية نزاع الصحراء الغربية. وجاءت تصريحات مساهل عقب استمرار الحملة الإعلامية المنظمة التي تقودها المغرب ضد الجزائر واتهامها بعرقلة اتحاد المغرب العربي. وقال عبد القادر مساهل، أول أمس في تصريحات للقناة الإذاعية الثالثة، إن بناء الصرح المغاربي"لم يعرف تقدما كبيرا خاصة على الصعيد السياسي في ظل وجود مسائل تحول دون تصور هذا الاتحاد خارج الاعتبارات السياسية المذكورة، والمتمثلة في قضية الصحراء الغربية. وأكد الوزير خلال حصة "الحدث في الواجهة" أن مسالة الصحراء الغربية مسالة أساسية في تجسيد اتحاد المغرب العربي تضاف إليها مسائل أخرى ينبغي تسويتها، دون أن يوضح مساهل طبيعة هذه المسائل. مشيرا إلى الجهود التي تبذلها الجزائر من أجل بناء الصرح المغاربي منذ الإعلان عن ميلاده مطلع قبل سنوات، وذكر بتمسكها بموقفها من النزاع في الصحراء الغربية منذ 1975 وحق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، وهو الموقف الذي يدعمه المجتمع الدولي وهيئة الأممالمتحدة. وأضاف في حديثه عن قضية الصحراء الغربية أنه يتعين على الأممالمتحدة تعيين ممثل شخصي للأمين العام مكلف بالقضية في أقرب الآجال، وذلك بسبب تعثر المفاوضات بين جبهة البوليزاريو والمغرب التي لم "تعرف تقدما" حسبه. وأكثر من ذلك طالب عبد القادر مساهل من الأممالمتحدة أن تمارس ضغوطا على أطراف المفاوضات من أجل دفعها وذلك من باب التزامها بواجب أخلاقي في إطار مهمتها في ضمان حق الشعوب في تقرير مصيرها، معربا عن أمله في استئناف جلسات الحوار تحت رعاية منظمة الأممالمتحدة قصد "تطبيق مبدأ تقرير مصير الشعب الصحراوي". وفي سياق حديثه عن العراقيل التي تحول دون تجسيد تكتل مغاربي، قال مساهل إن رسم كل بلد من المنطقة لسياسة اقتصادية لوحده يعرقل بناء هذا الصرح رغم أن المشروع كان خيارا قد اتفق الجميع على تجسيده عبر مراحل. وجاءت تصريحات مساهل عقب تصعيد المغرب في حملته الإعلامية التي يقودها ضد الجزائر بهدف دفعها إلى الاستجابة لمطلبه المتمثل في فتح الحدود البرية، وهي الحملة التي يقودها رئيس الوزراء الفاسي الفهري، والذي كانت له خرجة إعلامية أخرى ضد الجزائر وسلطاتها بمناسبة الذكرى الستين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان. ولم يفوت رئيس الوزراء هذه الفرصة لاتهام الجزائر "بعرقلة اتحاد المغرب العربي ومصادرة حق اللاجئين الصحراويين"، واتهمها "بخرق القانون الدولي وضرب صميم روابط الدين والتاريخ المشترك وقدسية علاقات الجار بالجار". وعمل المسؤول المغربي على شحذ المجتمع المدني داخل المملكة وخارجها ضد الجزائر والتنديد بها أمام المجتمع الدولي. وأصبحت الخرجات الإعلامية للمسؤولين المغربيين على اختلاف مناصبهم انطلاقا من الملك إلى أبسط وزير في الحكومة أمرا متعودا عليه.