بعد الإنتصار التاريخي الكبير الذي حققه حزب الله في حربه مع العدوان الصهيوني صيف 2006 ، قال الأمين العام للحزب السيد حسين نصر الله : " أن نهاية إسرائيل قد بدأت " . واستشهد بكتابات مؤسس الدولة الصهيونية التي تقول : " إن أول انهزام لإسرائيل هو بداية زوالها ". الآن هناك اعتراف إسرائيلي رسمي بفشلهم وانهزامهم في حرب 2006 مع حزب الله، ولم تتمكن إسرائيل من تحقيق أي هدف من أهداف الحرب. ومنذ ذاك بات واضحا أن إسرائيل لن تسكت عن الهزيمة، وسوف تعمل المستحيل لمحوها. وكنا ننتظر أن تشن إسرائيل حربا ضد حزب الله الصامد على الجبهة الخارجية والداخلية أيضا. لكن إسرائيل فضلت أن تشن حربا على الطرف الضعيف إقليميا وهي حركة حماس. حماس ضعيفة من الناحية العسكرية، فهي لا تملك سلاحا فتاكا ولا وصواريخ واصلة لتل أبيب كما امتلكها نصر الله. وهي ضعيفة داخليا ، بسبب " مفاوضات السلام " التي انتهجتها السلطة الفلسطينية، وهي ضعيفة جغرافيا لعدم امتلاكها منافذ على دول الممانعة، فهيب لديها مخرج واحد عبر مصر المربوطة بمعاهدات كامب ديفيد واتفاقيات المعابر، بينما نصر الله له حدود واسعة مع دولة الممانعة سوريا، التي مكنتها من تغذية المقاومة ورجالها. ورغم ضغف حماس من هذه النواحي ، فإن لديها عوامل قوة أخرى، هي عوامل " عقائدية " ، فالفلسطينيون في غزة، أوضحتهم قنوات تلفزيونات العالم، متمسكين بالمقاومة رغم قصف بيوتهم، ورغم شهدائهم ورغم جرحاهم ورغم ثكلاهم، ورغم تشريدهم ورغم ورغم. إن " الحماسيون مستعدون للشهادة ، ويحرصون عليها، مثلما يحرص الصهاينة على الحياة " ، وهذه واحدة من عوامل القوة. لهذه الأسباب، صمدت " المقاومة الضعيفة " لمدة سبعة أيام كاملة، واليوم هو الثامن من القصف والعدوان الصهيوني ، ومن التواطئ والتآمر العربي الرسمي. ومع ذلك ما زالت " صواريخ القسام وصواريخ غراد تطلق على إسرائيل وتوسع مداها وتنوع مرماها ". وهذا يعني أن ثمانية أيام كاملة ، لم تمكن إسرائيل من تحقيق أهداف الحرب، إنها وقف إطلاق الصواريخ، وهو الهدف المعلن للرأي العام الصهيوني والدولي. لقد صمدت حماس أكثر من جميع الجيوش العربية عام 1967، التي انهزمت خلال ستة أيام فقط. إن نظرية " أول انهزام لإسرائيل هو بداية نهايتها " بدأت تتأكد. فمن خلال قراءة أولية لتصريحات ليفني في باريس، نستشف إن " الإنهزام قد لاح في الأفق " ، وأن انتصار حماس لاحت تباشيره الأولى، حيث قالت " إن هدف إسرائيل من الحرب هو إضعاف حماس ، وأن الهدف قد تحقق بنسبة كبيرة " وهذا يعني أن لديها رغبة في وقف الحرب. وحرب بهذه النتائج يعني " نتائج في درجة الصفر ". والمقاومة الفلسطينية رغم الخسائر البشرية تكون قد حققت صمودا لم تحققه الجيوش العربية مجتمعة. أما حرب بصفر خسائر فليست موجودة سوى في أفلام " هوليوود ". فشاعر المقاومة الراحل محمود درويش قال في مديح الظل العالي : " هذه آياتنا فاقرأ .. باسم الفدائي الذي خلق .. من جزمة أفقا ". ، فإذا كانت الجزمة، كتلك التي ضرب بها منتظر الزايدي وجه بوش، تخلق أفقا للمقاومة، والصمود، والنضال من أجل التحرر والكرامة، فإن الشهداء ال 400 الذين سقطوا لحد الآن ، سوف يصنعون آلاف الآفاق للمقاومة الباسلة.