حصلت"إسرائيل"على الغطاء الدولي في شن حربها الهجومية على قطاع غزة لحسم جولات هجومية سابقة فشلت أمام الصمود الفلسطيني من تحقيق أهدافها،و ترى الولاياتالأمريكيةالمتحدة الخطط الإسرائيلية في تنفيذ عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة بأنها مسألة "دفاع عن النفس" لا يحق سوى لدولة "إسرائيل" اتخاذ القرارات بشأنها وتوقيت انطلاقها ومستوى القوة التي تستخدم فيها طالما تندرج في إطار "الأمن القومي".. وعدوان"ايهود اولمرت" العائد إلى غزة لم يكن كأي عدوان، فهذه المرة وجدت "إسرائيل" في الشيشان مثلا يمكن الاحتذاء به، باعتبارها "المدافعة عن نفسها" ولم تأت بالجديد وهي تعلن من قبل بلسان رسمي": أن على إسرائيل التصرف في غزة كما تتصرف روسيا في الشيشان". والعالم المتلقي صاغرا لخطاب إسرائيلي مفضوح، لن ينقطع عن الإدلاء بخطاب السلام الذي انفضت مائدته في "انابوليس" دون طقوس وتقاليد متعارف عليها، وهو يفسر عدوان"أولمرت- ليفني" على غزة بمعاني الطغيان المستباح في أعراف المجتمع الدولي الجديد. وصدقت إسرائيل" وعدها ونفذت عدوانها في الموعد المعلن في أجندتها العدوانية المفتوحة دون التفكير بالتراجع أو أرجاء ساعة انطلاقه لجني نتائج الوساطة المصرية بين حكومة"إيهود أولمرت" وحركة المقاومة الإسلامية "حماس" ألمعلقة ملفاتها في المكاتب الدبلوماسية. وبات الطريق "الإسرائيلي" كما العادة مفتوحا دائما لا تعترضه أية عراقيل دولية أو إقليمية تشل أو تعطل آلة الدمار التي تستهدف الإنسان العربي في فلسطين أو لبنان... وأخذت"إسرائيل"موقعها المتعالي فوق مؤسسات المجتمع الدولي واستحكمت استحكاما مطلقا بمواقف الدول العظمى التي ترى في العدوان المدمر حقا إسرائيليا في الدفاع عن النفس..وإدارة البيت الأبيض المختنقة بهزيمة جمهورية في معركتها الانتخابية، حسمت موقفها من قبل وأقرت بحق"أولمرت" في فعل ما يشاء دون الرجوع إلى أحد أو انتظار موافقة أحد .. وكانت"إسرائيل" قد أعدت العدة من قبل لتنفيذ مخططها الجديد، وسرب رئيس الوزراء إيهود أولمرت أنباء الهجوم المرتقب عبر قنوات إعلامية وابلغ أعضاء البرلمان أن "الجيش الإسرائيلي "يعد لعملية عسكرية أوسع في قطاع غزة بعد أربعة أشهر من عمليات التوغل التي خلفت ما يزيد عن 260 قتيلا فلسطينيا على الأقل..وجاء هذا التسريب في نطاق تهيئة الرأي العام العالمي.. وأضحت مهمة الخارجية الإسرائيلية ليس التعليق على تسريبات الهجوم العدواني قبل وقوعه أو تفنيد التصريحات المتواترة والمتزامنة مع اعتماد الجيش المصري أقصى حالات الإنذار في منطقة حدودها مع فلسطين و حتى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية "شون ماكورماك" رفض التعليق على العمليات العسكرية الإسرائيلية المرتقبة إلا أنه اكتفى بوضعها في إطار ما اسماه "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس" باعتبار أن" إسرائيل دولة تتمتع بالسيادة" وهي لا تسعى أصلا للحصول على إذن الولاياتالمتحدة للتحرك "دفاعا عن نفسها ". وإدارة البيت الأبيض بطبعها لا تعطي ضوءا برتقاليا أو أخضرا ل"إسرائيل" التي تعرف ما تفعل وفي أي وقت تختار دون الرجوع إلى احد،لكنها ألغت أسلوب العودة إلى شركائها في اللجنة الرباعية للشرق الأوسط التي تضم الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة في القيام بمبادرة دبلوماسية لابد منها قبل عدوان عسكري مدمر لدعوة الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء لتجنب القيام بأعمال من شأنها زيادة التوترات في منطقة الشرق الأوسط . وظل المبرر الأقوى الذي تتمسك به حكومة"إيهود أولمرت" هو ذلك المبرر القديم في تدمير غزة في العدوان السابق فقد ربط "اولمرت" التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية واسعة النطاق باحتجاز الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليت" الذي أسرته فصائل مسلحة تابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ولم تفلح كل الوساطات لإطلاق سراحه ليظل ألشماعة التي تعلق عليها "إسرائيل" جرائمها المتتالية ضد الشعب الفلسطيني ألأعزل في دائرة حصار الجوع القاتل وهو ينفذ عدوان ما بعد العدوان.