الهدنة ما زال ميزانها مختلا في عقل عدواني بطبعه، ومهدت "إسرائيل" الموقف مع الحليف الأمريكي لشن حرب هجومية على قطاع غزة وحسم جولات هجومية سابقة فشلت أمام الصمود الفلسطيني من تحقيق أهدافها إذ ترى الولاياتالأمريكيةالمتحدة الخطط الإسرائيلية بشن عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة بأنها مسألة "دفاع عن النفس" لا يحق سوى لدولة "إسرائيل" اتخاذ القرارات بشأنها وتوقيت انطلاقها ومستوى القوة التي تستخدم فيها طالما تندرج في إطار "الأمن القومي".. و"إسرائيل" أعدت العدة لتنفيذ مخططها الجديد ومن جهته سرب رئيس الوزراء إيهود أولمرت أنباء الهجوم المرتقب عبر قنوات إعلامية وأبلغ أعضاء البرلمان أن "الجيش الإسرائيلي" يعد لعملية عسكرية أوسع في قطاع غزة بعد أربعة أشهر من عمليات التوغل التي خلفت ما يزيد عن 260 قتيل فلسطيني على الأقل.. ويأتي هذا التسريب في نطاق تهيئة الرأي العام العالمي.. ولا شيء يخفى في ظل تسريبات عن الهجوم العدواني المنتظر أو تفنيد التصريحات المتواترة والمتزامنة مع فشل مفاوضات الهدنة السرية في القاهرة ووزارة الخارجية تمتنع بدبلوماسية عن التعليق على العمليات العسكرية الإسرائيلية المرتقبة، لكنها كعادتها تضع العدوان العسكري في خانة "حق إسرائيل في الدفاع عن النفس" باعتبار أن "إسرائيل دولة تتمتع بالسيادة"، وهي لا تسعى أصلا للحصول على إذن الولاياتالمتحدة للتحرك "دفاعا عن نفسها". وإدارة البيت الأبيض بطبعها لا تعطي ضوءا أحمرا أو برتقاليا أو أخضرا ل "إسرائيل" التي تعرف ما تفعل وفي أي وقت تختار دون الرجوع إلى أحد.. والولاياتالأمريكيةالمتحدة لا تأخذ دائما بأسلوب العودة إلى شركائها في اللجنة الرباعية للشرق الأوسط التي تضم الاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة في القيام بمبادرة دبلوماسية لابد منها قبل عدوان عسكري مدمر لدعوة الإسرائيليين والفلسطينيين على السواء لتجنب القيام بأعمال من شأنها زيادة التوترات في منطقة الشرق الأوسط. وما زال المبرر الأقوى الذي تتمسك به حكومة "إيهود أولمرت" هو ذلك المبرر القديم في تدمير غزة في العدوان السابق فقد ربط "أولمرت" التهديدات الإسرائيلية بشن عملية عسكرية واسعة النطاق بإطلاق صواريخ القسام واستمرار احتجاز الجندي الإسرائيلي "جلعاد شاليت" الذي أسرته أواخر جوان 2006 فصائل مسلحة تابعة لحركة المقاومة الإسلامية "حماس"، ولم تفلح كل الوساطات لإطلاق سراحه ليظل الشماعة التي تعلق عليها "إسرائيل" جرائمها المتتالية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في دائرة حصار الجوع القاتل وهو يستعد لتلقي عدوان ما بعد العدوان.