بعدما جرب الجزائريون على حد المثل الشعبي "قش بختة وفناجل مريم " بعد رفع الاحتكار وتحرير التجارة الخارجية التي حملت معها سيارات " الزاد . أش " التي حولت البلاد الى مقبرة للخردة والنفايات الحديدية ،ومثلما شهدت الجزائر أيضا غزو أطنان " الشيفون " وملابس " البالا " التي كانت وراء قتل كل مصانع النسيج وتسريح أكثر من 50 ألف عامل في ظرف عشر سنوات فقط . ومثلما جرى كل ذلك في صمت ، مثلما هو الأمر حاليا مع غزو أطنان الشوكولاطة التي تغرق الأسواق الجزائرية والتي واكبت احتفالات رأس السنة الهجرية والمسيحية وتنتظر حلول السنة الأمازيغية...طبعا فقد تحولت الجزائر الى فضاء لتصريف فضلات ما تنفثه مصانع الأقبية في الصين وتايوان ....وتركيا... غرقت الأسواق الجزائرية منذ فترة بأطنان الشوكولاطة المستوردة التي تحمل علامات عالمية مغشوشة بمناسبة احتفالات رأس السنة التي تمتد عندنا إلى غاية الحادي عشر من جانفي رأس السنة الأمازيغية أو "يناير"والتي يستهلك فيها جل الجزائريين الكثير من أنواع الشوكولاطة التي يخلطونها مع المكسرات وتسمى ب"التراز" والتي لا يعلمون عنها شيئا . ذلك لأن أغلبها مغشوشة أو منتهية الصلاحية ترمي بها مصانع تركيا وآسيا نحو دول العالم الثالث بأسعار رخيصة . بل وتجد في مثل هذه المناسبات فرصة في تسريب مخزونها الذي يوشك على التلف . ورغم أن الماركة عالمية والتغليف هو نفسه إلا أن المذاق في أنواع الشوكولاطة التي تسوق عندنا وفي أوروبا ليس نفسه على الإطلاق والنوعية أقل ما يقال عنها أنها أقل جودة بشكل واضح .ورغم ذلك تقول السيدة عائشة " كل واحد على قد دراهمه ، فنحن نشتري الشوكولاطة رخيصة ،لذلك فمن الواضح أنها ليست الماركة الأصلية التي كتبت على هذه المنتوجات ، فبعضها تحمل أسماء عالمية ك "فيريرو روشي" وتباع العلبة منها فقط ب 250دج وتحتوي عددا كبيرا من الحبات الملفوفة ، لهذا لا يعقل بأن تباع الحبة الأصلية مثلا من "فيريرو روشي" هذه الماركة العالمية بعشرة دنانير فقط. ولو تعلق الأمر بالنوعية فقط لكان أهون بكثير ، لكنه يتعلق حسب مصالح الجمارك التي تضبط بصفة مستمرة أطنان الشوكولا بصلاحية هذه المادة المشكوك فيها . والتي وإن كانت لم تنته صلاحيتها في بعض الأحيان فإنها توشك على ذلك حين دخولها السوق الجزائرية .وأكثر ما يثير انتباهك وأنت تجوب الأسواق الجزائرية وتتفحص أنواع الشوكولاطة المعروضة وما أكثرها أنها لا تحتوي على المعلومات التجارية على الغلاف كالبلد المصنع وتاريخ الإنتاج وتاريخ نهاية الصلاحية.ورغم ذلك تلاحظ ان الأغلبية الساحقة من المتبضعين لا يلتفتون إلى الأمر ولا يعيرونه أهمية تذكر والسبب هو قلة الوعي لدى المستهلك التجاري واهتمامه بالسعر وبما يمس جيبه أكثر من اهتمامه بما يمس بصحته ويضرها . والغريب أن نفس أنواع الشوكولاطة التي أغرقت الأسواق الجزائرية قد احتجزتها الجمارك الفرنسية بالأطنان واعترضت دخولها للأسواق الفرنسية . خاصة منها "فيريرو روشي" التركية التي ضبطت في موانئ فرنسا وهي مجرد تقليد يحاول منافسة الماركة الفرنسية الأصلية الراقية على أساس السعر. رغم أنها مناسبات سعيدة كلها تلك التي توالت واحتفل بها جل الجزائريون ومازالوا ينتظرون حلول السنة الأمازيغية أو"العجوزة" كما يطاق عليها في بعض مناطق الوطن ومنها العاصمة . إلا أن بعض ربات البيوت اعتبرن الأمر مكلفا ، خاصة وأن في فلسفة البعض الإحتفال بمناسبات رأس السنة كلها وارد كما قالت السيدة مونية :" اتفقت أنا وبناتي على الإحتفال بالسنة الهجرية أي محرم كسائر المسلمين وأعددنا مائدة تقليدية كالعادة ،ثم صممت بناتي على الإحتفال برأس السنة الميلادية على أساس أنه عام جديد على البشرية أجمع . وننتظر اليوم حلول يناير الذي سنحتفل به كأهل منطقتنا ، فنحن في الأصل من منطقة القبائل الصغرى ولاحتفالات يناير "العجوزة" قصة معنا ورثناها عن أنهاتنا وما زلنا نصر على الحفاظ عليها . وما عدا الأطباق التقليدية التي تدخل في احتفالات السنة الأمازيغية لا غنى لنا عن حلويات "التراز" والتي لم تعد تقليدية كما كانت أو محلية ، بل صارت تخلط مع الشوكولاطة المستوردة وبالتالي فصار سعر الكيلو غاليا ويصل إلى 500دج . وهو في الحقيقة لا يكفي إذا اجتمع أفراد العائلة الكبيرة وأطفالها ، لذا فالإحتفال بهذه المناسبات جملة وفي فترة زمنية متقاربة كهذه السنة ضرب من الجنون للعائلات كثيرة العدد ، خاصة مع الإرتفاع الفاحش الذي تشهده أسعار اللحوم البيضاء والخضر والفواكه أما الحلويات والشوكولاطة فحدث ولا حرج . وياليتها من النوعية الجيدة بل هي موجهة أصلا إلى دول العالم الثالث وأسعارها باهضة ولكن مذاقها ليس في المستوى . كما أن تاريخ صلاحيتها مشكوك فيه . وليس غريبا أن تستغل مثل هذه المناسبات لتسريب المخزون الذي يوشك على التلف .