وافقت الجزائر رسميا على تلبية دعوة أمير دولة قطر للمشاركة في أشغال القمة العربية الطارئة التي ستحتضنها الدوحة الجمعة المقبل لبحث العدوان الإسرائيلي على غزة، وانضمت بذلك إلى قائمة عشر دول عربية أرسلت موافقة خطية لحضور القمة، في وقت أعلنت فيه مصر رفضها للدعوة القطرية مفضّلة عقد القمة بالكويت على هامش القمة الاقتصادية العربية المقرّرة بحر الأسبوع المقبل. أكدت وكالة الأنباء الجزائرية أمس نقلا عن مصدر وصفته ب "المطلع"، أن الجزائر ستشارك في القمة العربية الطارئة التي ستعقد بعد غد الجمعة بالعاصمة القطرية الدوحة، ولم تحدّد البرقية إن كان رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة سيشارك هو شخصيا في هذه القمة الاستثنائية أم أنه سيكتفي بتفويض من يمثّله. ويأتي قرار الجزائر بقبول الدعوة القطرية للمشاركة في أشغال القمة العربية قصد النظر في الوضع بقطاع غزة بعد العدوان الوحشي الإسرائيلي الذي دخل أسبوعه الثالث، تأكيدا لتصريحات أدلى بها الوزير الأول أحمد أويحيى قبل أيام انتقد فيها مواقف بعض الدول العربية فيما يتعلق بعرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى القطاع عندما كشف عدم ارتياح الجزائر لما أسماه "الظروف غير الملائمة" التي تحول دون إيصال المساعدات باستمرار إلى الفلسطينيين. وترى الجزائر أن انعقاد قمة طارئة في مثل هذا الظرف أكثر من ضروري لأن الأمر يتعلق بالدفاع عن المصالح الإستراتيجية العربية، كما أعلنت أيضا أنه من غير الطبيعي ألا يتفق العرب على مصالحهم الجوهرية التي من بينها الدفاع عن الشعب الفلسطيني في هذه المحنة التي يمر بها، وتأمل أن يتمكن القادة العرب في موعد الدوحة من تجاوز الانقسامات والاتفاق على عمل مشترك يضع حدا للانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة. وقبل نجاح المبادرة القطرية في إقناع القادة العرب بالمشاركة في القمة الاستثنائية، كانت الدبلوماسية الكويتية قد تحركت منذ أيام لاحتضان القمة على هامش القمة العربية الاقتصادية الأولى المزمع تنظيمها في الكويت يومي 19 و20 من شهر جانفي الجاري، وهي القمة التي سيشارك فيها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. إلى ذلك، وإذا كانت الجزائر وسوريا من بين الدول الأولى التي رحبت بعقد قمة عربية بالعاصمة الدوحة، فإن الأمر يبدو ليس كذلك بالنسبة لمصر التي أعلنت أمس رفضها الدعوة القطرية، حيث قالت في بيان لوزارة خارجيتها، إنها ترى في اجتماع القادة العرب بالكويت عشية انعقاد القمة الاقتصادية يوم الاثنين المقبل مناسبة مواتية للتشاور حول مجمل تطورات الوضع في غزة، والنظر في اتخاذ خطوات جدية لإنهاء الهجمات الإسرائيلية المتواصلة، وأشارت القاهرة إلى أنها "لا تنتظر اجتماعات بروتوكولية لإلقاء الخطب والبيانات، من دون مردود حقيقي على أرض الواقع". وقد عكس هذا الموقف ما جاء كذلك على لسان المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية الذي أفاد أن القاهرة أبلغت الجامعة العربية عدم موافقتها على القمة العربية التي دعت إليها قطر في الدوحة الجمعة المقبل، وقال إن "المندوبية المصرية الدائمة لدى الجامعة العربية أبلغت الأمانة العامة للجامعة العربية أن مصر ترى أن حضور القادة العرب في الكويت في ال 18 من الشهر الجاري عشية مشاركتهم في القمة الاقتصادية صباح الاثنين 19 من الشهر الجاري يمكن أن يكون مناسبة ملائمة للتشاور في ما بينهم بشأن الوضع في غزة". ويعكس الموقف المصري الانقسام الحاصل في الموقف العربي وهو ما يهدّد بإفشال قمة الدوحة في تحقيق النتائج التي تنعقد من أجلها هذه القمة خاصة بعد فشل المبادرة العربية في إصدار لائحة بمجلس الأمن الأممي تدين فيها إسرائيل وتلزمها بوقف فوري لعدوانها الذي خلف ما يقارب الألف شهيد إلى حد الآن، ويبدو أن القاهرة فهمت الرسالة بأن قادة الدول العربية سيدعونها إلى فتح فوري لمعبر رفح لإنقاذ سكان غزة من كارثة إنسانية وشيكة وهو ما يرفضه الرئيس حسني مبارك بدعوى اتفاقيات والتزامات مع كل من إسرائيل والولايات المتحدةالأمريكية. وغير مستبعد في هذا الشأن أن تنضم المملكة العربية السعودية إلى الجانب المصري لأنها لم تخف هي الأخرى تحفظها بشأن توقيت ومكان انعقاد القمة العربية الطارئة بمبادرة قطرية، وقد حل أمس الرئيس المصري حسني مبارك بالرياض للقاء العاهل السعودي عبد الله بن عبد العزيز وبحث هذه المسألة بالذات التي تعتبر من المواضيع الساخنة في دول أعمال هذه الزيارة، وأمام رأي عام عربي غاضب وإزاء مشاهد الدمار والضحايا المدنيين في غزة تبدو الأنظمة العربية غير قادرة على اتخاذ خطوات ملموسة تؤدي إلى وقف العدوان الإسرائيلي.