فسر رئيس تحرير مجلة لوموند ديبلوماتيك الفرنسية آلان غريش منع إسرائيل الصحفيين الأجانب من دخول قطاع غزة برغبة الجيش الإسرائيلي في "إخفاء الجرائم التي يقترفها والدمار الذي يحدثه في القطاع". واعتبر أن انتصار إسرائيل في الحرب الحالية سيقوض أي آمال للسلام في منطقة الشرق الأوسط على المديين القصير والمتوسط. وقال إن صمود المقاومة الفلسطينية هو وحده القادر على دفع الحكومة الإسرائيلية إلى فتح "مفاوضات سلام جادة". وأكد غريش في رده على سؤال أثناء لقاء جمعه أول أمس بباريس مع أعضاء نادي الصحافة العربية في فرنسا، أن "السبب الرئيسي الذي يدفع الإسرائيليين لإغلاق باب القطاع في وجه الصحافة الدولية هو حجم وفداحة الخسائر التي أحدثها ويحدثها الجيش الإسرائيلي في غزة". ورجح الصحفي -الذي يعد من أبرز المختصين الفرنسيين في القضايا الدولية- أن يكون حجم الخسائر البشرية والمادية في القطاع "أكبر بكثير" مما تتناقله وسائل الإعلام، مشيرا إلى أن الصليب الأحمر الدولي لم يستطع الوصول إلى كل المناطق التي شملها القصف الإسرائيلي. وشدد غريش على أن الإسرائيليين "ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" في غزة واصفا ادعاء إسرائيل بأنها تمنع ممثلي الصحافة الدولية من دخول القطاع حفاظا على سلامتهم "بالذريعة الواهية". وانتقد الصحفي الفرنسي التعاطي "الإجمالي" لصحافة بلاده مع العدوان على غزة، مشيرا إلى ترويج تلك الصحافة لخطابين "زائفين" عن الحرب الإسرائيلية، أولهما يبرر ضمنيا الهجوم على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بخلفيتها الأيديولوجية والسياسية التي شوهت لدى قطاعات واسعة من الرأي العام المحلي. ويضيف أن الخطاب الثاني للصحافة الفرنسية يساوى "على نحو غير مقبول بين الضحية والجلاد، بين المعتدي والمعتدى عليه" ويتغاضى "عمدا" عن كون استمرار احتلال الأراضي الفلسطينية هو في النهاية "السبب الأول والأخير للنزاع الحالي". ونفى رئيس تحرير لوموند ديبلوماتيك أن تكون حماس "تنظيما متطرفا" كاشفا أن رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل أكد له أثناء مقابلة معه في دمشق يوم 20 ديسمبر الماضي استعداد الحركة لقبول حل يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة في الضفة الغربية وقطاع غزة. ورأى غريش أن "السبب في غياب السلام في المنطقة هو انعدام شريك إسرائيلي يرغب فعلا في إنهاء النزاع". وعزا الكاتب انتصار حماس في الانتخابات التشريعية الفلسطينية في جانفي 2006 وتنامي نفوذها في الأراضي المحتلة إلى "فساد السلطة الفلسطينية وإفلاس إستراتيجية أوسلو التي اعتمدتها منظمة التحرير الفلسطينية". وخلص الصحفي الفرنسي إلى أن "جاذبية حماس وحزب الله اللبناني لدى الكثير من الناس لا تنبع من نهجيهما العقائدي ولكن من خطيهما السياسي المقاوم" موضحا أن الجمهور العربي يرى أن هذه التنظيمات هي "الوحيدة القادرة على مواجهة الغطرسة الإسرائيلية". وحول النتائج المحتملة للعدوان الإسرائيلي على غزة، اعتبر غريش أن أي انتصار مطلق لإسرائيل سيؤدي إلى "تقويض آمال السلام في المنطقة على المديين القريب والمتوسط". وأكد أن فشل قوات الاحتلال في سحق حماس سيقود، بالمقابل، ساسة تل أبيب إلى الاعتراف بعدم جدوى الحل العسكري مع المقاومة الفلسطينية مما قد يدفع إسرائيل إلى الدخول، لأول مرة "في مباحثات سلام جادة".