شهدت الساحة الفلسطينية خلافات بشأن دعوة رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) خالد مشعل لتشكيل مرجعية وطنية جديدة بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية. وكان مشعل قد قال الأربعاء الماضي –في احتفال جماهيري بالدوحة- إن الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت لواء المقاومة ستعمل على بناء مرجعية جديدة للداخل والخارج، وأوضح أن هذه المرجعية ستضم جميع قوى وتيارات الشعب الفلسطيني. وجاءت أعنف الردود من الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي قال في مؤتمر صحفي مع رئيس جمهورية سلوفينيا دانيلو تورك -عقد الجمعة في رام الله بالضفة الغربية- إن مساعي حماس وفصائل أخرى لإنشاء مرجعية بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية "ستبوء بالفشل ولن تتحقق أبدًا"، معتبرا تصريحات مشعل بهذا الخصوص "لعبًا في الوقت الضائع". واتهم عباس رئيس المكتب السياسي لحركة حماس بالعمل على تهديم صرح يزيد عمره عن 44 عاما ومعترف به من قبل 120 دولة. وجاءت تصريحات عباس بعد يوم واحد من هجوم مماثل شنته حركة فتح في بيان رسمي صدر الخميس الماضي عن الناطق الرسمي باسمها أحمد عبد الرحمن الذي أكد "أن محاولات حماس لإلغاء شرعية منظمة التحرير لن يكتب لها النجاح وستبوء بالفشل لأن الشعب الفلسطيني قد أسقط منذ زمن بعيد الوصاية والتبعية والاحتواء والمتاجرة بالقضية الوطنية". واتهم عبد الرحمن حماس وخالد مشعل ب"التآمر" على القضية الفلسطينية بدعم من أطراف عربية وإقليمية. وكان رئيس كتلة فتح بالمجلس التشريعي قد رد بأن حماس "أعجز" من أن تكون بديلا لمنظمة التحرير، مؤكدا أن كلام مشعل "ليس جديدا وأن حماس رفضت منذ بداياتها الانخراط في العمل الوطني الفلسطيني". ولقيت دعوة مشعل معارضة من قبل خالد البطش القيادي في حركة الجهاد الإسلامي الذي قال إن الحركة ترفض إلغاء منظمة التحرير الفلسطينية أو إيجادَ بديل لها. وأوضح البطش أن حركة الجهاد تطالب بتفعيل المنظمة وإصلاحِها، كما أنها تساند فكرةَ تشكيل مرجعية وطنية لفصائل المقاومة. ومن جهته أكد رمزي رباح -عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية- أن موضوع منظمة التحرير مدرج كنقطة رئيسية في الحوار الوطني الفلسطيني المقرر مبدئيا في الثاني والعشرين من فيفري المقبل. وقال رباح إن الجبهة مع إصلاح منظمة التحرير ولكنها تؤمن بأن المنظمة تبقى كيانا وطنيا جامعا وموحدا للشعب الفلسطيني. ولكن مسؤول الإعلام بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (القيادة العامة) أنور رجا قال إن ما أعلن عنه مشعل يعكس موقف ثمانية فصائل مقاومة (مشاركة في لجنة المتابعة العليا للمؤتمر الوطني الفلسطيني) لملء الفراغ السياسي الذي تعاني منه الساحة الفلسطينية بسبب ما سماه "حالة الموات السريري التي تعيشها منظمة التحرير الفلسطينية". ونفى أنور رجا أن يكون الحديث عن الإطار السياسي الجديد محاولة لإيجاد بديل عن منظمة التحرير، وقال إنه "سياسة منبثقة عن قراءة دقيقة للواقع حيث أفرزت حرب غزة أن الشعب الفلسطيني بحاجة لمن ينطق باسمه ويعبر عن إرادته المقاومة". يشار إلى أن الفصائل المشاركة في لجنة المتابعة العليا للمؤتمر الوطني الفلسطيني هي حركة حماس، والجهاد الإسلامي، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة، وفتح الانتفاضة، وجبهة النضال الشعبي خالد عبد المجيد، وجبهة التحرير الفلسطينية، ومنظمة الصاعقة، والحزب الشيوعي الفلسطيني الثوري. وقد نظمت حركة حماس الجمعة الماضية مسيرات في مدن قطاع غزة شارك فيها الآلاف تأييدًا لدعوة مشعل إلى تشكيل مرجعية جديدة للشعب الفلسطيني، ولموقف رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في دافوس. وقال القيادي في حماس خليل الحية في كلمة ألقاها في نهاية مسيرة في ساحة المجلس التشريعي، إنه سبق للحركة أن دعت مرارا إلى إعادة تشكيل منظمة التحرير التي اتهم السلطة الفلسطينية ب"استحضارها من ثلاجة الموت" عند الحاجة والتباكي عليها في الوقت الذي لم يسمع للمنظمة أي صوت أثناء العدوان الإسرائيلي على القطاع، على حد قوله. وأضاف أنه سبق لحماس أن حذرت من أنها "لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام المماطلة في إعادة بناء المنظمة" مشددا على أنه "آن الأوان لقيادة جديدة ملتصقة بالشعب" ومتمسكة بالحقوق والثوابت الفلسطينية ممثلة باللاجئين والعودة والقدس.