قال مصطفى فاروق قسنطيني، رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، إن المصالحة الوطنية كانت أكبر إنجاز حقّقه الرئيس بوتفليقة خلال السنوات العشر الأخيرة واعتبرها الأساس الذي ساهم في تسهيل مهمة التنمية الشاملة بعد عودة الأمن إلى البلاد، ومع ذلك فإن المتحدث لم يستبعد إمكانية إقرار تدابير تكميلية تصل إلى مستوى العفو الشامل ورأى بأن الظروف مواتية لذلك. أفاد فاروق قسنطيني أمس في تصريح ل "صوت الأحرار" لدى تقييمه لحصيلة عشر سنوات من تولّي عبد العزيز بوتفليقة السلطة أن قانون الوئام المدني وبعده ميثاق المصالحة الوطنية يعتبران من أكبر الإنجازات التي أعادت الاستقرار للبلاد بعد أن مرّت بظروف صعبة فرضتها سنوات الأزمة، وذهب إلى حد القول بأن المصالحة "هي في الواقع أفضل ما قام به الرئيس بوتفليقة في مشواره السياسي على الإطلاق"، مبرّرا هذا الاعتقاد من منطلق أنها "أعادت للبلاد السلام المدني، فالمصالحة في نظرنا قضية جوهرية وأساسية ومصيرية أيضا، فبدون السلام المدني لا يمكن تحقيق أي شيء..". وعاد رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان إلى الحديث عن السياق العام الذي جاء فيه مسعى المصالحة الوطنية، مشيرا إلى أن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة تحلى بالمسؤولية والشجاعة الكاملة لإقرار التدابير التي تضمنها ميثاق السلم الذي استفتى عليه الشعب الأغلبية في 29 سبتمبر 2005، وشدّد المتحدث بقوله "بدون مجاملة، فإن الرئيس بوتفليقة هو الشخصية الوحيدة التي كانت قادرة على هذا الأمر لأنه لم يكن من السهل اتخاذ تلك الإجراءات في تلك الظروف التي مرت بها الجزائر". إلى ذلك لم يتوان قسنطيني في التأكيد بأنه كان من المناضلين الأوائل للمصالحة الوطنية، مضيفا أن تلك القناعة جاءت من خلال التحليلات التي قامت بها اللجنة التي يتولى حاليا تسيير شؤونها والتي خلصت إلى أن المصالحة هي المخرج الوحيد إلى بر الأمان باعتبارها تعبّد الطريق أمام مهمة البناء، كما أنه لم يغفل في هذا السياق الإشارة إلى أن التدابير التي جاء بها ميثاق السلم والمصالحة عرفت نوعا من الانتقادات في البداية وهو ما بدا من كلامه "الأمور كانت في بادئ الأمر معقّدة لأن لا أحد كان يتصوّر السماح لأشخاص رفعوا السلاح ضد الجزائريين..". وفي المقابل أورد فاروق قسنطيني أن "الظروف الحالية تساعدنا على الذهاب نحو إقرار العفو الشامل، وقد سبق لي وأن قلتها قبل ثماني سنوات من الآن، وكمواطن جزائري أتمنى أن نذهب إلى ذلك"، حيث لاحظ أن الجزائريين يميلون العفو ويريدون أن تطوى هذه القضية بشكل نهائي رغم اعترافه من جانب آخر بأن الأمور تبقى في النهاية بيد الرئيس بوتفليقة، قبل أن يسجل كذلك إمكانية تحقيق مسعى العفو بناء على مقاربة له استند فيها إلى مصالحة الجزائر مع فرنسا رغم كل ما ارتكبته الأخيرة من جرائم في حق الجزائريين واصفا المرحلة الاستعمارية بأنها "استعمار كحل". وترك رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان هذا الملف إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية حيث ستتضح الصورة أكثر خصوصا في حال أعيد انتخاب عبد العزيز بوتفليقة رئيسا للجمهورية لعهدة ثالثة، مبديا حرصا كبيرا على ضرورة عدم قراءة تصريحات من زاوية سياسية باعتبار أن الانتخابات الرئاسية على الأبواب، مؤكدا أن كل ما جاء على لسانه ليس من باب المجاملة ولكن قناعات سبق له وأن أفصح عنها في أكثر من مناسبة.