توقّع فاروق قسنطيني رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان، أمس، أن يعلن الرئيس عبد العزيز بوتفليقة عن تدابير تكميلية للمصالحة الوطنية خلال العام المقبل على أقصى تقدير، وجزم بأن الظروف أصبحت مواتية أكثر من أي وقت لإقرار العفو الشامل، كما يرى كذلك بأنه «لا يمكن أن ننتظر أكثر من هذا لأن الرئيس لديه إستراتيجية يريد تجسيدها..». اعتبر فاروق قسنطيني ما جاء من التزامات من طرف رئيس الجمهورية بشأن تأكيد عزم الدولة على الذهاب بخيار المصالحة الوطنية إلى مداه الأخير، بمثابة «الأمر الإيجابي» وقال إنه لم يستغرب على الإطلاق ما ورد في مضمون رسالة بوتفليقة بمناسبة الذكرى المزدوجة لهجوم الشمال القسنطيني وانعقاد مؤتمر الصومام، مشيرا إلى أن القاضي الأول في البلاد سبق وأن عبّر صراحة عن هذا التوجه وكان آخرها خلال حملته الانتخابية في رئاسيات التاسع أفريل الماضي. وبحسب القراءة التي قدّمها رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان فإن الرئيس بوتفليقة يكون قد منح آخر فرصة للجماعات المسلحة من أجل الاستفادة من تدابير المصالحة الوطنية، كما أكد في التصريح الذي خصّ به «صوت الأحرار»، بأن آجال الأخيرة تكون قد اقتربت إلى نهايتها، مبرزا في الوقت ذاته أهمية التزام الدولة بمكافحة صارمة لبقايا الجماعات الإرهابية حيث لم يتوان في التأكيد بأن «هذا الأمر طبيعي ولا بد منه، فليس هناك تناقض بين الأمرين لأن المصالحة لم تكن تعني يوما التوقف عن مكافحة الإرهاب». وفي ردّه على سؤال يتعلق بإمكانية ذهاب رئيس الجمهورية إلى إقرار العفو الشامل بعد أن أشار إلى ذلك ضمنيا في مضمون الكلمة التي ألقاها عبد العزيز بلخادم نيابة عنه الخميس الماضي بمناسبة اليوم الوطني للمجاهد، قال محدثنا إن ذلك أمر وارد جدا، بل وذهب إلى حدّ الجزم في هذه المسألة عندما تابع مؤكدا: «أظن أن الرئيس سيعلن عن تدابير للعفو الشامل قريبا، ويمكن أن يكون ذلك في 2010 لأنه من غير الطبيعي ألا يقدم على مثل هذه الخطوة في بداية العهدة الثالثة وذلك حتى يتفرّغ للملفات الثقيلة الأخرى التي تنتظره..». ومن وجهة نظر رئيس لجنة ترقية وحماية حقوق الإنسان فإنه «حان الوقت لتجسيد العفو الشامل لأنه لا يمكن أن ننتظر أكثر من هذا كون الرئيس لديه إستراتيجية يريد تجسيدها»، وفي المقابل فقد عارض قسنطيني أي إجراء آخر يحول دون استشارة الشعب في هذه المسألة من منطلق «أن القرار أولا سيكون تاريخيا» بالإضافة إلى تبرير آخر قدّمه المتحدث ويتعلق ب «أن رئيس الجمهورية لا يمكنه أن يتحمّل مسؤولية هذا الملف المعقّد لوحده وعليه فإننا نرى في الاستفتاء الشعبي بمثابة خيار ضروري لا يمكن الاستغناء عنه مهما حصل..». إلى ذلك أفاد فاروق قسنطيني أن كل هذه الأمور تبقى بين يدي الرئيس عبد العزيز بوتفليقة الذي تعود له الكلمة الأخيرة للفصل فيها، ومع ذلك أوضح من موقعه حقوقي ومتابع للملف عن قرب أنه واثق من أن الدولة ستذهب لا محالة إلى خيار العفو الشامل بعد أن توفرت كل الظروف لذلك على حد تقدير محدّثنا الذي شدّد من جهة أخرى على ضرورة محاربة الإرهاب بدون هوادة «لأن اليد الممدودة للدولة لا تعني على الإطلاق التراخي في التعامل مع العناصر التي ترفض نداء المصالحة». وفي موضوع منفصل عاد رئيس اللجنة الوطنية الاستشارية لترقية وحماية حقوق الإنسان إلى قضية آخر سجين جزائري بمعتقل غوانتانامو المسمى «صابر لحمر» المنتظر إطلاق سراحه هذه الأيام والذي يرفض الترحيل إلى الجزائر مخافة اعتقاله من جديد، حيث أكد محدّثنا أن هذا الخوّف أمر طبيعي من منطلق أن المعتقل قضى أكثر من سبع سنوات في القاعدة الكوبية وهو ليس على دراية ب «التغيّر الحاصل في الجزائر»، متوقعا أن يغير المعني موقفه بمجرد أن يتلقى ضمانات بعد فترة من مغادرته «غوانتانامو».