عادت الذكرى العشرون لتأسيس اتحاد المغرب العربي مع برقيات تهاني تبادلها قادة الدول المغاربية لم يكن بإمكانها تغطية الحقيقة عن حالة التيه التي يمر بها هذا الاتحاد منذ عقد ونصف. يقال إن وحدة المغرب العربي كانت حلم الأجيال السابقة، وأن الكفاح ضد الاستعمار أرسى قواعد هذا الاتحاد، ومؤتمر طنجة يشهد على ذلك، لكن في مقابل هذا كانت الاتهامات حاضرة على مستويات أخرى، ففي ذكرى تأسيس الاتحاد سمعنا وزير الدولة المغربي محمد اليازغي يتهم الجزائر بالتسبب في تعطيل مسار الاتحاد ليختزل مطالب الشعوب المغاربية كلها في إعادة فتح الحدود بين الجزائر والمغرب، وقبل هذا بشهور قليلة تابعنا حملات إعلامية غير مسبوقة نزلت بالخلافات بين الجزائر والمغرب إلى القاعدة بعد أن كنا نحسبها مقتصرة على القمة، فالتهجم على الشعب الجزائري والتشكيك في تاريخه أسقط أوهاما كثيرة كانت دبلوماسية المجاملات قد أرستها على مدى عقود مضت. اتحاد المغرب العربي يحتاج إلى جرعة صراحة حتى يتم إنعاشه، فكل طرف يضع مسألة التكامل بين دول المنطقة خارج دائرة أولوياته، ويريد أن يتحقق من الوحدة ما يخدم أهدافه، فهناك من يحن إلى فتح الحدود من أجل أن يسوق بضائعه وآخر يريد أن يجلب بعض السياح ولا شيء عن مشاريع حقيقية ينتفع منها الجميع، ولا أحد يتحدث عن تنسيق المواقف مع دول الضفة الأخرى للبحر، فالسباق محموم من أجل كسب ود أوروبا وأمريكا ولو بالتحريض على الجيران، وهذه السياسات لا يمكن أبدا أن تبني المغرب العربي الذي حلم به الثوار والمناضلون من أجل الحرية والاستقلال. انتهى زمن الأحلام، والدول اليوم تتصرف بحسب مصلحة قطرية ضيقة، ومن وجد مقعدا قريبا من زعماء أوروبا وأمريكا فإنه يرى نفسه في غنى عن الفقراء والمتخلفين المحيطين به في المغرب العربي، الأمر يسير على هذا النحو وما بقي هو مجرد شعارات فارغة تطلق لإحياء مناسبة لا نعرف إن كانت للاحتفال أو العزاء.