أصيب كابل الأنترنيت البحري في الجزائر بعطب، وشعر جميع المستخدمين بالقلق، سواء أكانوا شركات ومؤسسات أو أفراد، ويقدر عدد مستخدمي الأنترنيت في الجزائر بنحو 3 مليون مستخدم، والرقم مرشح للزيادة بشكل مطرد، والجزائر تستعد لإطلاق " الجزائر الرقمية بحلول 2016 ". إن القلق الناجم عن ذلك العطب يشير بوضوح إلى أن شبكة الأنترنيت أصبحت تتوغل في وسط المجتمع، وتحكم سيطرتها، وقد حدث لذلك ما حدث تماما للإذاعة في العشرينيات وبعدها التلفزيون منذ الأربعينيات ، ويستحيل في الوقت الراهن أن ندخل بيتا لا يوجد فيه تلفزيون، بل إن شاشته الساحرة أصبحت تحكم قبضتها على جميع المواطنين، ورغم التوجه نحو التلفزيون بالمقابل " باي تي في " من خلال شراء بطاقات الإشتراك، فإن الناس مستعدة للدفع من أجل أن تشاهد. وكذلك لا يمكن أن نسوق سيارة بدون مذياع بحيث انتقل مركز الثقل بالنسبة للراديو من البيوت إلى السيارات ، وهكذا دواليك. الأنترنيت اليوم أصبحت تتحكم في الناس، مجرد عطب جعل ألاف المستخدمين يشعرون بالقلق، مما يعني أن الإستغناء عنها، أو فرض الرقابة أو شيئا من هذا القبيل أضحى قرار سيواجه بموجة من الغضب والسخط والتمرد. ما الذي جعل الأنترنيت تسيطر كل هذه السيطرة على المجتمع البشري ؟ بدون تردد إنها الخدمات التي تقدمها مثل البريد الإلكتروني ، وغرف الدردشة، والتجارة الإلكترونية، والبحث العملي، والتثقف السريع، وتحميل الموسيقى، والإطلاع على ما هو جديد، والتسلية الإلكترونية وغيرها كثير .. وفضلا عن ذلك فإن خدمات الأنترنيت ليست باهظة الثمن ولا التكاليف. وحاليا أصبحت هذه الشبكة، تلعب دورا هاما في إنشاء جماعات افتراضية وشبكات الأصدقاء، من خلال المدونات الشخصية ، والفايس بوك، والفلايكر، وماي سبايس، واليوتيوب ، وغيرها. وقد تفطن السياسيون لها، فأصبحوا يوظفونها في الحملات الإنتخابية، لحث المواطنين على التصويت وحشد التأييد. وقد لفت انتباهي مواضيع ورسوم كاريكاتورية نشرت يوم أمس في الصحافة الجزائرية، تقول أن عمر الأنترنيت بلغ 20 سنة، وهذا غير صحيح على الإطلاق، فالأنترنيت اليوم بلغت سن الرشد، عمرها بالتمام والكمال 40 سنة كاملة، فهي ظهرت عام 1969 في جامعة كاليفورينا بالولايات المتحدةالأمريكية، وأطلق على أول شبكة في التاريخ تسمية " أربانات " لأن شركة " أربا " التابعة لوزارة الدفاع الأمريكية هي التي كان لها الفضل في ميلاد شبكة الأنترينت، وكانت حينذاك تربط فقط أربعة أدمغة إلكترونية، وهي اليوم تحصي مئات الآلاف. ومنذ عام 1969 مرت الأنترنيت كغيرها من المنتوجات بعدة مراحل، حيث تم انتاج وتطوير بروتوكولات الإتصال ، وزيادة طاقة الربط، وظهور الجيل الثاني من الشبكة، وأنترنيت 2 ، وعرفت تطورا آخر بظهور هاتف آدي أس آل ، وغيرها من التطورات. ويمكن أن تكون بعض التقنيات التي ساهمت في تطوير الأنترنيت قد بلغت من العمر 20 سنة .. لأن كثير من الباحثين يربطون بين منتج مفصلي وعمر المنتوج .. فمثلا هناك من يعتبر عام 1980 سنة الميلاد الحقيقي للأنترنيت بسبب اختراع " فينتون سيرف " لبروتوكول يربط شبكة سي آس نات بشبكة أربانات عن طريق بوابة إلكترونية .. أما العمر الحقيقي للأنترنيت فهو 40 سنة .. نشأ معها جيل رقمي .. يختلف جذريا عن الجيل الكلاسيكي .. هذا الجيل هو الذي انتباه شعور بالقلق عن العطب الذي أصاب الشبكة في الجزائر.. قلق لا يقل مستقبلا عن القلق بسبب غياب الماء والخبز أو تلوث الهواء.