قد يلجأ الأفافاس إلى تحريك أنصاره هنا وهناك، وقد ينظم تجمعات وربما ينزل إلى الشارع للترويج لأطروحاته الداعية إلى مقاطعة الانتخابات الرئاسية، لكن ما الذي سيقوله حزب آيت أحمد للجزائريين غير الادعاء بأن الاستحقاق مفبرك، معروف النتائج أو أن " التزوير" هو المآل الحتمي للرئاسيات• لكن من يصدق الأفافاس وهل الجزائري ساذج لدرجة أنه يصدق بأن المترشح الذي تدعمه ثلاثة قوى أساسية في البلاد بحاجة لأن يزور حتى يضمن فوزا آخر. فالساذج هو من يحاول استغباء الناس أو الضحك على ذقونهم، فالسواد الأعظم من الجزائريين يدركون تمام الإدراك بأن بوتفليقة إنما يعول على الرصيد الشعبي الذي يتمتع به بفضل السياسة التي انتهجها منذ99 وخاصة في المجال الأمني، فما حققه المسار السلمي من رضا لدى المواطنين لا تضاهيه كل الوعود وكل الخطابات التي نسمعها هنا وهناك، ثم أن الدعم الذي يتمتع به لدى أحزاب التحالف وعشرات التنظيمات تمهد له النصر حتى ولو أجمع "الثقال" في كتلة واحدة• فهل يعقل أن من يبحث عن تدليس الانتخابات يستضيف لمراقبتها أكثر من 200 ملاحظ دولي، أن ينشىء آليات رقابة تضاهي تلك التي تعتمد في الديمقراطيات العريقة؟ من حق الأفافاس أو غيره من دعاة المقاطعة تنشيط حملة مضادة، فالديمقراطية تعترف أيضا لمن يعارض العملية الانتخابية لسبب أو لآخر، بحقه في إبداء رأيه والتبشير به، علما أن وزير الداخلية نور الدين يزيد زرهوني نفسه اعترف بهذا الحق وأطلق يد حزب حسين آيت أحمد• ويبدو أن زرهوني قد تفطن إلى مسألة في غاية الأهمية وهي أن الممنوع دائما مرغوب، وعدم الترخيص للأفافاس بالنشاط خلال الحملة قد يجلب له بعض التعاطف، عكس ما قد يحصل لما يسمح لهذا الحزب للقيام بحملته! وما يهم الأفافاس على ما يبدو هو تبني كل المتخلفين عن الاقتراع وتحويل نسب الامتناع مهما كانت إلى رصيد سياسي يحاجج به، والظهور بمظهر الحزب المعارض الذي لا ينكسر أمام عواصف السياسة، وفضلا عن ذلك فإن الأفافاس يريد استغلال الوضع الخاص لمنطقة القبائل لتمتين مواقعه كأول قوة سياسية في المنطقة• الأرسيدي من جهته اقتنع بأن القيام بحمل مضادة لن يأتي بأي نتيجة حتى في منطقة القبائل، فالعروش التي يعول عليها البعض لصد الرئاسيات في المنطقة اتضح جيدا أن بعض أجنحتها تنشط لصالح المشاركة، وهو ما جعل حزب سعدي يصوم عن السياسة ويجمد نشاطاته إلى ما بعد الانتخابات، وإن استثنى سعدي نفسه من هذا القرار وراح يشتكي "ظلم" السلطة لملاحظي الأممالمتحدة بمجرد أن حطوا الرحال بالجزائر• الأفافاس هو حزب يتمتع برصيد سياسي محترم، يعود الفضل فيه إلى بعض مواقفه وإلى زعيمه التاريخي، لكن المواقف السلبية التي يتبناها واعتماده المفرط على سياسة الكرسي الشاغر سوف تؤدي به، لا محالة إلى الانكماش أكثر وقد يتحول إلى مجرد حزب مجهري لا وجود له، لا في منطقة القبائل ولا في أي جهة من الوطن•