أعلن الأفافاس على لسان سكرتيره الأول كريم طابو عن إنشاء ما أسماه ب "وزارة داخلية موازية" لمواجهة "الكومندوس الانتخابي" وهذا لفضح أي تزوير خلال الرئاسيات المقبلة، ومثل هذا الموقف كان يمكن فهمه لو صدر عن حزب يشارك في العملية الانتخابية، لا عن تيار سياسي يراهن على إفشال الاقتراع ويتوعد بأن يعمل كل ما بوسعه حتى يدير الجزائريون ظهورهم للتصويت! لقد كان على حزب آيت أحمد أن يركز اهتمامه على ترصد "كومندوس آخر" قد يستغل خطاب المقاطعة بالمنطقة لنشر العنف والفوضى، كما جرت في تشريعيات 2002، لما زرعت مجموعات من الأشخاص الرعب في منطقة القبائل ومنعت السالمواطنين من أداء واجبهم الانتخابي• والظاهر أن الأفافاس قد أحس فعلا بأن دعوة المواطنين إلى مقاطعة الرئاسيات لن تجدي نفعا، فحول مهمته إلى حماية الاقتراع من التزوير، وكأن هذا الحزب قد أصبح لجنة موازية تؤدي مهمة لصالح المترشحين• ويمكن أن نجزم بأن المنشور الذي وزعته "الحركة من أجل الاستقلال الذاتي بمنطقة القبائل" يعد رسالة تهديد موجهة إلى الأفافاس أكثر مما هي موجهة ضد السلطة، فحزب حسين آيت أحمد يريد أن يحتكر لنفسه "شرف" المعارضة الوطنية الجدية للسلطة، وتلاقي أهدافه مع أهداف حركة مهني فرحات قد يفسد كل حسابات هذا الحزب، علما أن ركوب هذه الحركة الانفصالية "ظهر" الأفافاس قد يزج بهذه التشكيلة السياسية في متاهات العنف ومواجهات الشارع• إذا كان الأفافاس لا يلعب جهرا بورقة القبائل ويريد أن يظهر كحزب وطني يمثل الجزائريين المعارضين للرئاسيات، فإن طبيعة تمثيله وأحيانا سلوكه يجعله حبيس هذه الجهوية التي قد تستغلها الحركة الانفصالية أو حتى بعض أطياف العروش الراديكالية• ثم إن أي نجاح تحققه حملة الرئاسيات بمنطقة القبائل قد تعتبر هزيمة للأفافاس وكل الراديكاليين والمتطرفين بهذه المنطقة الذين يسعون إلى تكرار سيناريو تشريعيات 2002، وهنا سوف يجد حزب آيت أحمد نفسه في وضع حرج بين طروحاته السلمية التي لم تقدر على دفع مواطني القبائل إلى المقاطعة، وطروحات بعض منافسيه على ساحة المقاطعة الذين يؤمنون بخيار الشارع لترهيب الناس وفرض المقاطعة بالحرق والتدمير• فهؤلاء يدركون تمام الإدراك بأن إقناع سكان منطقة القبائل بالعودة إلى الخلف وتكرار سيناريو "الربيع الأسود" غير ممكن، حتى حركة العروش لا يبدو أنها مستعدة للمجازفة خاصة بالنظر إلى المكاسب التي حققتها بفضل بوتفليقة، خاصة فيما يتمثل بمطالب الهوية• إن تحييد منطقة القبائل عند كل استحقاق انتخابي لن يخدم التنمية بهذه المنطقة ولا الفعل السياسي بها، والمطلوب من جميع اللاعبين ب"الخصوصية القبائلية" الذين يزعمون الدفاع عن الحرية والديمقراطية أن يرفعوا أيديهم عن هذه المنطقة حتى يتمكن أهلها، وبكل حرية الاختيار كباقي الجزائريين من يسير شؤونهم•