الموقف الذي اتخذه بوتفليقة من الإسلاميين خلال الأيام الأولى من الحملة الانتخابية لا يعجب الأمير السابق لجيش الإنقاذ المنحل مدني مزراق، وبين خطاب الرئيس وموقف مزراق هوة شاسعة لا يمكن تجاوزها بمجرد خطاب توفيقي. المثير في الأمر هو أن مزراق كان من أكثر الناس حماسا لدعم بوتفليقة، وقد وصل به الأمر إلى تنظيم تجمع شعبي لدعمه في الانتخابات السابقة فضلا عن التصريحات التي كان يطلقها هنا وهناك، وقد أثيرت تساؤلات كثيرة حول حقيقة الدور الذي يقوم به مزراق، فالتصريحات التي أدلى بها بوتفليقة خلال الأيام الخمسة الأخيرة ليس فيها أي جديد، والجديد هو موقف مزراق الذي اعتبر أن ما قاله بوتفليقة يعني نهاية المصالحة لأنه يعيد الأمور إلى نقطة الصفر. خلال السنوات الأخيرة لم يفهم معظم الجزائريين حقيقة الموقف الرسمي من مستقبل المصالحة، الأبواب بقيت مفتوحة لكن لا أحد يعلم إلى أي مدى يمكن أن يصل الانفتاح على قادة الإنقاذ المحظورة أو على الذين وضعوا السلاح استجابة لنداء السلم والمصالحة الوطنية، والغريب أن بوتفليقة كان يقول دوما إن الشعب كان كريما مع هؤلاء في حين يردون هم بالقول إن السلطة لم تف بوعودها، بل إن بن حجر قال مرة في حوار لجريدة الحياة اللندنية إنه لا ينصح أحدا بالنزول من الجبال لأن لا شيء تحقق. الأمر يحتاج بكل تأكيد إلى مزيد من الصراحة، فالمصالحة لا تزال هي العنوان الرئيس في برنامج بوتفليقة، وهي النقطة المشتركة بين المترشحين في هذه الانتخابات، وبين القانون الذي يبقى محدودا من الناحية الزمنية والمشروع السياسي الذي يمتد لفترة أطول وبدون قيود تبقى الهوة كبيرة جدا، ومن حق الجزائريين أن يعرفوا اليوم ما هو التأويل الرسمي للمصالحة التي صوتوا عليها من خلال استفتاء شعبي قبل خمسة أعوام.