يتكرر فشل قرارات منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك" في إحداث صدمة تهز السوق النفطية العالمية وتحافظ على مستويات الأسعار عند الحدود المعقولة بما ينقذ اقتصاديات بلدانها من الانهيار، فتتحول اجتماعاتها إلى مجرد اختبار لمعرفة ردود ألأفعال بعد إقرار تخفيض أعلى لمعدلات الإنتاج ألنفطي. ولعل "أوبك" أدركت أن الأسواق تجاوزتها تماما ولم تعد تأبه بما تتخذه من قرارات غير قابلة للتطبيق في عالم لا يسمح بوقف إمدادات ألنفط تحت أي ظرف كان، أو الحد من مستوياتها ألاستهلاكية. وقرارت "أوبك" ألمحررة في ورق لا يرى النور أتحت أشعة الشمس، جردتها من هيبتها وأفرغتها من مستلزمات القوة المؤثرة، فالأسواق العالمية المالكة لسبع حواس تدرك تماما أن"أوبك" اعتادت على إعلان قرارات غير قابلة للتنفيذ من قبل أعضائها، ولا تأثر لها في خارطة الاستهلاك أو تحديد السقف السعري لمادة يتحرك بها الكون ألبشري . وسياسة الإمداد النفطي للمستهلكين باتت أكثر أهمية من السياسة السعرية ألمتهاوية جنبا إلى جنب مع تهاوي الدول النفطية ألمنتجة، فليس المهم سعر البرميل النفطي الواحد ، فالأهم هو إيصال المد اللازم إلى المستهلكين بغض النظر عن تدني الأسعار الهابطة وما تشكله من مخاطر على اقتصاديات المنتجين. وتجد الدول المنتجة للنفط نفسها في دائرة سوق غير عادل، يحكمه المستهلكون المتنفذون في مراكز القرار السياسي في العالم، وما عليها إلا إرضاء المستهلك لنتاجها وفق قاعدة ألمضاربات التي لا تحكمها قواعد تجارية أخلاقية . فشلت "أوبك"من جديد، وربما سيضحى الفشل الأخير، فهي لن تقدم مستقبلا على اتخاذ قرارات جديدة لا يأبه بها أحد، ولا تحرك ساكنا في مواضع جملة ثابتة، أصلها قانون مغامرة في بورصات ربطت كل عقدها ببورصة وول ستريت المنهارة وفرعها مضاف في أزمة الإعصار المالي العالمي. ويتجه المتنفذون في "أوبك" إلى إلقاء اللوم على أمريكا التي مازالت تحتفظ بإحتياطات نفطية هائلة تكفيها لعقود من الزمن، وتضع نفط العرب مخزونا في آباره لحين تجدد الحاجة إليه .. كما يلقون أللوم على الصين التي تراجعت معدلات طلبها على النفط بسبب الانكماش الاقتصادي العالمي. لعل "أوبك" "تكشف سر علتها الكامنة في عدم احترامها لقراراتها بعيدا عن المستهلك الصيني أو الأمريكي .