رغم هشاشة وزن المترشحين لرئاسيات 9 أفريل الماضي، فإن الحملة الإنتخابية تمكنت من إنعاش الحياة السياسية من خلال النقد المتواضع للسلطة ، ومن خلال جملة الإقتراحات التي عرضها المترشحون كحلول للقضايا والمشاكل أو لتطوير الأوضاع إلى ما هو أفضل وأحسن ويليق بمستوى أحلام الجزائريين. وبعد الحملة أيضا ظلت الساحة السياسية منتعشة ببعض النقد الموجه لنتائج الإنتخابات، وخاصة نسبة المشاركة، التي قال عنها كثير من المراقبين والمترشحين أنها " مضخمة ". وانتعشت الساحة السياسية أيضا من خلال المستجدات التي تشهدها حركة مجتمع السلم بميلاد حركة الدعوة والتغيير التي يتزعمها الوزير الأسبق عبد المجيد مناصرة. إن الإختلاف حق ، وسنة حياة، والحق في التعبير هو الذي ينعش الساحة السياسية، والمعارضة هي ملح الديمقراطية، وهي الهواء الذي تتنفس من خلاله، وكلما تراجعت المعارضة وقلت فرص التعبير عن الرأي، ونزل سقف الحرية المتاح للأحزاب ووسائل الإعلام، كلما شعرت الديمقراطية بالإختناق. بعد فوز بوتفليقة بأغلبية منتظرة ، قال كثير من المراقبين للوضع السياسي في الجزائر، أن أهم ملف ينبغي أن يتفرغ له الرئيس خلال العهدة الثالثة هو الملف السياسي، ومعنى هذا الملف هو فتح المجال السياسي أكثر، باعتماد أحزاب جديدة، من أجل أن تتجدد الأفكار، وتتجدد البرامج، ويتجدد الرجال والوجوه، وتتقوى الأحزاب الموجودة . إن الإستمرارية والإستقرار الذين صوتا الشعب لصالحهما، لا يعنيان بأي حال " الجمود " في الوضع الذي نحن فيه، وإنما قد يفهما على أن تحريك الوضع السياسي نحو الأفضل ينبغي أن تقوم به مؤسسة الرئاسة المستقرة . إن الإختلاف لا يفسد للود قضية، هكذا قال الفقهاء، وفتح المجال السياسي لأحزاب جديدة تنشط في إطار الدستور وقوانين الجمهورية ، هو الهواء النقي ، الذي تتنفسه الديمقراطية، فلا ضرر من وجود أحزاب عديدة، كما لا ضرر في تكتل عدة أحزاب حول رئيس الجمهورية .. وعلى القانون أن يضبط بقاء الأحزاب وزوالها، مثلما يضبط نشأتها. لحد الساعة لا يوجد قانون يعارض نشأة الأحزاب، بل يحدد شروط نشأتها، ومن خضع لها ، سقطت مبررات رفض اعتماده.. هذه هي الطبيعة .. من حق الناس أن تتنفس .. ومن واجب السلطة أن تعدهم يتنفسون.