جدد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمناسبة تنصيبه رئيسا للبلاد تأكيده على مواصلة و تعميق مسعى المصالحة الوطنية، وأوضح رئيس الدولة في خطابه للأمة الذي ألقاه أول أمس بعد مراسم أدائه اليمين الدستورية لعهدة ثالثة أنه عقد العزم أولا على مواصلة مسعى المصالحة الوطنية و تعميقه. وذكر الرئيس بوتفليقة أن مسعى المصالحة الوطنية "سانده الشعب الجزائري عن بكرة أبيه"، حيث تمت استشارته في سبتمبر 2005 من خلال استفتاء، كما ذكر رئيس الدولة أن هذه السياسة التي بدا تطبيقها ابتداء من فيفري 2006 بعد مصادقة البرلمان على النصوص المتعلقة بها و إصدارها "أتاحت عودة السلم المدني". وأكد أن مواصلة هذه السياسة و تعميقها "من شأنه أن يسهم مستقبلا في تعزيز التلاحم الاجتماعي و ضمان ديمومة الوحدة الوطنية". و قد أبرز الرئيس بوتفليقة هذا الالتزام عدة مرات خلال التجمعات الشعبية التي نشطها في مختلف الولايات خلال الحملة الانتخابية لاقتراع 9 أفريل 2009. وفي هذا السياق كان الرئيس بوتفليقة قد أكد خلال التجمع الشعبي الأخير للحملة الانتخابية الذي نشطه بالجزائر العاصمة أنه مازال متمسكا ب"قناعته التامة" بأن استعادة السلم المدني هي "أولوية وطنية" للقضاء على "بؤر التوتر و أوكار الشر". وكان الرئيس بوتفليقة قد أكد انه فضل انتهاج هذا المسعى لأن معاناة الشعب الجزائري "طالت جدا" من ويلات الإرهاب و"لأننا ملزمون باتخاذ جميع التدابير التي تحفظه من المزيد من الآلام" ولتمكين الوطن من "إعادة بناء نفسه والسير في طريق الازدهار". وذكر الرئيس بوتفليقة أن تدابير ميثاق السلم و المصالحة الوطنية أعادت بذلك الوئام إلى القلوب، مستبعدا أي إقصاء للأسر المفجوعة جراء المأساة الوطنية، وكان رئيس الدولة قد حذر و هو يواصل هذا المسعى الرامي إلى العودة الكلية للسلم و الأمن في الجزائر و كذا إلى مصالحة الجزائريين مع أنفسهم و مع تاريخهم حذر من أن الدولة لن تستسلم "أمام هؤلاء الذين مازالوا متمسكين بطريق الرعب و الدمار". وفي هذا الشأن قال الرئيس بوتفليقة إن شجاعة و تضحيات وتصميم قوات الأمن "ستهزم الجماعات الإرهابية التي ترفض الفرصة المتاحة لها للعودة إلى أحضان شعبها"، وأضاف أنه "تم ضبط حدود حلم الدولة و لئن ظهرت حاجة الذهاب إلى أبعد من ذلك فلا مندوحة من التفكير برؤية وتبصر في هذا المسعى الجديد". إصلاح العدالة... إحدى ركائز البرنامج الرئاسي للعهدة الثالثة يظل إصلاح قطاع العدالة بالنسبة لرئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة إحدى ركائز برنامجه التي يعتزم إنجاحها خلال عهدته الثالثة، حيث أكد رئيس الجمهورية في خطابه أنه يتعين على الهيئات القضائية أن تضطلع بالمهمة الموكلة لها على الوجه الأوفى. وأردف يقول إن "الإصلاح الذي تم تنفيذه قد أتاح المجال لتوفير الشروط اللازمة لعدالة أكثر احترافية و أكثر حيادا و أكثر استقلالية في أحكامها عدالة تقوم بما عليها بوتيرة أسرع". واعتبر بوتفليقة الذي تم انتخابه لعهدة ثالثة ب 13019787 صوتا من مجموع 15356024 ناخب أن هذه الإمكانيات ستصاحبها بطبيعة الحال "صرامة مضاعفة تجاه النقائص و تقصير الأفراد من حيث الأخلاقيات التي لا بد أن يتحلى بها رجال العدالة"، وذكر رئيس الجمهورية مرارا بدور رجال العدالة في الإسراع من وتيرة معالجة ملفات المواطنين. ويرى رئيس الجمهورية أن قطاع العدالة يبقى أفضل محرك للحكم الراشد الذي يعتبره ضرورة حيوية وعاجلة وضرورة وطنية لا يمكن تأجيلها، كما اعتبر أنه إذا ما تم التحكم في تنظيم هذا القطاع وإنجاح إصلاحه و توكيل مهمة تسييره لرجال و نساء نزهاء وأكفاء فانه سيساهم حقا في تدعيم مقومات الدولة وتمكينها من فرض سلطتها. وأشار الرئيس بوتفليقة يقول "لقد عكفنا على جمع كافة العوامل المادية والبشرية و القانونية الكفيلة بتمكين العدالة من الاضطلاع بمهمتها المتمثلة في ضمان تحكيم حيادي و نزيه و تطبيق القوانين الرامية الى الحفاظ على الاستقرار الاجتماعي وحماية حرية المبادرة الاقتصادية و المنافسة و الاستثمار الداخلي و الخارجي". الشباب و التشغيل من الانشغالات الدائمة للرئيس بوتفليقة يشكل موضوع إدماج الشباب ضمن مسار التنمية في البلاد إحدى أهم أولويات رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة الذي وعد بإنشاء ثلاثة ملايين منصب شغل خلال السنوات الخمس المقبلة. وفي خطابه بعد مراسم أدائه اليمين أول أمس جدد رئيس الجمهورية عزمه على تحقيق هذا المسعى ملحا على تجسيد هذا "الهدف المركزي " الذي يبقى انشغالا دائما بالنسبة للسياسة التي شرع في تنفيذها منذ عشر سنوات. وبعد أن ذكر بالوضع "الكارثي" الذي كان يتخبط فيه الشغل في نهاية التسعينات تميزت بفترة طويلة من النكوص والأزمات بنسبة بطالة طالت أكثر من ثلث اليد العاملة منها أكثر من الثلثين من الشباب الذي بلغ سن العمل وخيبة أمل و تذمر في نفوس الكثير منهم واليأس وحتى الإغراءات السلبية لدى بعض الشبان الجزائريين وعد الرئيس بوتفليقة "بالحرص الدائم " على تحقيق هذا الهدف وتسخير كافة وسائل الدولة لذلك. من جهة أخرى و بعد الإشارة إلى الأعمال التي تمت مباشرتها والتدابير الخاصة الموجهة للشباب الذين ساهموا كما قال في "تحسين الوضع و عودة السلم المدني"، أكد رئيس الجمهورية أن هذا "الحرص الدائم علي الاندماج الاجتماعي " سيتواصل ليتمحور على "توسيع جديد للإمكانات و مزيد من التنويع في مجال التكوين و على مرونة أكبر في البرامج بما يجعلها تستجيب لحاجات الاقتصاد بصورة أوفى". وفي مشروعه الشامل المخصص لهذه الفئة الهامة من المجتمع ألح رئيس الجمهورية على التكفل بالاحتياجات الأخرى للشباب و انشغالاتهم و طموحاتهم التي يتعين على الدولة أن تدرجها ضمن أولوياتها الوطنية من أجل تمكين هذه الفئة من دورها الحقيقي الذي هو الإيمان بمستقبله و مستقبل وطنه".