تعهد رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة بمواصلة مسار المصالحة الوطنية وتعميقها خلال عهدته الثالثة، وقال بوتفليقة ''إنني عاقد العزم على مواصلة وتعميق هذا المسعى الذي زكاه الشعب عن بكرة أبيه''، مشيرا إلى أن نهج المصالحة الوطنية سيؤدي لا محالة إلى تعزيز التلاحم الاجتماعي وضمان ديمومة الوحدة الوطنية . وأضاف بوتفليقة خلال خطاب ألقاه في حفل أدائه اليمين الدستورية أمس بقصر الأمم بنادي الصنوبر، أن تعميق المصالحة الوطنية ومواصلة مسار التنمية الشاملة ستكون ضمن أولوياته الرئيسية خلال ولايته الرئاسية الثالثة التي باشرها رسميا أمس بعد أدائه اليمين طبقا للمادتين 75 و76 من الدستور، مشيرا في نفس الوقت إلى أن سيعمل على تسريع وتيرة إصلاح هياكل الدولة ومهامها، واعتماد توزيع جديد للسلطات على أساس اللامركزية، التي قال أنها ستكرس مفهوم الرقابة الشعبية وستقي من مخاطر ''الانزلاق". وقال بوتفليقة في نفس السياق أنه سيضع تحسين معيشة المواطنين ضمن أولوياته الرئيسية، وأنه واع تمام الوعي بالصعوبات التي تعترض فئات واسعة من الشعب في هذا الإطار، مشددا على ضرورة مواصلة سياسة التضامن تجاه الفئات المحرومة، بالموازانة مع العمل على مواصلة مسار التنمية، الذي يبقى توفير المياه وشبكات الصرف والطاقة والهياكل الصحية في صلب برامج استثمارية هامة -على حد تعبيره-. وتابع بوتفليقة الذي كان خطابه بمثابة تحديد لخطوط عريضة التي سيركز عليها خلال هذه العهدة، مسلطا الضوء على بعض القطاعات التي تشكل أولوية بالنسبة إليه، أن الظروف مواتية لمباشرة حركة واسعة لتنويع النسيج الاقتصادي للبلاد وتكثيفه، مشددا على أن الدولة ستسعى بكل طاقاتها إلى دعمه بإنعاش الاستثمار في فروع الاقتصاد العمومي، وبالسعي إلى كسر بقايا العراقيل التي قد تكبح المبادرة الخاصة، وبالتشجيع الجبائي للنشاطات التي تدر قيمة مضافة كبيرة وتلك التي ترتكز على الإبداع و التجديد. كما أكد بوتفليقة أنه مصمم على تحقيق هدفه الرئيسي، الذي قال أنه يتمثل في رهان توفير 3 ملايين شغل خلال الخمس سنوات المقبلة، ملمحا إلى رغبته في إحداث ثورة في قطاع الشبيبة من خلال إدماج الأغلبية الساحقة من الشباب مهنيا، وفتح آفاق مشرقة -على حد قوله-، وضرورة مواكبة كل السلطات لهذا التصور من خلال فتح قنوات الإصغاء وإيجاد أطر المشاركة الملائمة خصوصا على المستوى المحلي. وفي سياق آخر توعد بوتفليقة بصرامة كبيرة بخصوص الأخطاء التي قد يرتكبها القضاة وأعوان القضاء عموما، والمتعلقة بالتقصير والمساس بأخلاقيات المهنة وهذا من اجل إعطاء دفع أكبر لمعايير الحياد والاحترافية في أداء قطاع العدالة، والتي قال أن الإصلاح الذي شمل هذا القطاع قد مكن من تحقيق خطوات مهمة في هذا الإطار، واعدا بتوفير كل الإمكانيات من أجل المضي قدما في إصلاح العدالة. من جانب آخر تحدث بوتفليقة على ضرورة مواصلة وتكثيف محاربة المحسوبية والمحاباة والرشوة، التي قال أنها مصدر اليأس وإحباط العزائم التي تجعل الناس يعزفون عن العمل، كما وعد بالعمل على تعزيز حرية الإعلام والصحافة ومواصلة التسمك بنصرة قضايا التحرر في العالم . وخلافا لما كان متوقعا غاب موضوع العفو الشامل الذي كان منتظرا بقوة عن خطاب بوتفليقة ،حيث اكتفى هذا الأخير بالتأكيد على عزمه على مواصلة مسار المصالحة الوطنية وتعميقه، ولم يشر لا من قريب إلى هذا الموضوع الذي يكون قد فضل تركه لمواعيد لاحقة، بعد أن تطرق إليه مرتين أثناء الحملة الانتخابية وبقى منتظرا بقوة خصوصا في خطاب الأمس على غرار ما حصل مع ميثاق السلم أثناء بداية العهدة الثانية في أفريل 2004 .