نفى عبد القادر مالكي الأمين الوطني بالاتحاد العام للعمال الجزائريين، بشكل قطعي، أن تكون المركزية النقابية قد تقدمت بأي اقتراح للحكومة بشأن رفع الأجر الوطني الأدنى المضمون من منطلق أن أمرا من هذا القبيل يخضع لتفاوض ثلاثي الأطراف، معلنا عن اجتماع للأمانة الوطنية الاثنين المقبل لفتح هذا الملف الذي توقّع أن تكون المفاوضات حوله مع الحكومة وأرباب العمل شاقة. رفض عبد القادر مالكي الخوض في مسألة القيمة التي ستقترحها المركزية النقابية للحكومة بخصوص الأجر الوطني الأدنى المضمون مثلما أشارت إليه بعض الأوساط، معتبرا ذلك بمثابة أمر سابق لأوانه في الوقت الراهن، ورأى في المقابل أنه من الأحسن "أن يتركونا نحضّر الملفات ونتفاوض في هذه المسألة"، مشيرا إلى أن الاتحاد العام للعمال الجزائريين نصّب مجموعة عمل تعكف حاليا على إعداد دراسة حول القدرة الشرائية سترفع لاحقا في شكل وثيقة إلى الحكومة. إلى ذلك أوضح مالكي الذي كان يتحدث أمس في حصة "تحوّلات" على أمواج القناة الأولى للإذاعة الوطنية، أنه لم يتم تقديم أي اقتراح من طرف المركزية النقابية يتعلق بالأجر الوطني الأدنى المضمون، ولكن مع ذلك كشف المتحدث بأن اجتماع الأمانة الوطنية للتنظيم المقرّر الاثنين المقبل سيتطرّق لأول مرة إلى هذا الملف الذي قال إنه متوقف على نتائج الدراسة التي يتم التحضير لها حول واقع القدرة الشرائية للمواطن على ضوء الزيادات الأخيرة التي عرفتها أسعار المواد ذات الاستهلاك الواسع. وعلى هذا الأساس اعترف الأمين الوطني المكلف بالإعلام بأن الأجر الوطني الأدنى المضمون في الجزائر بعيد في مستواه الحالي عما هو عليه في دول الجوار وهو ما دفع المركزية النقابية، على حد تعبيره، إلى المطالبة دوما بمراجعته، قبل أن يذهب إلى القول "عندما نتحدث عن القدرة الشرائية نلاحظ غلاء في المعيشة والأجر الحالي لا يمنح للمواطن المعيشة الكريمة"، كما أكد أيضا أن سيدي السعيد سيحرص على إبلاغ الحكومة وأرباب العمل بهذا الوضع. وبموجب ذلك توقّع عبد القادر مالكي أن تكون المفاوضات مع الحكومة شاقة وفي غاية من الصعوبة للفصل في عدد من الملفات التي تطرح للنقاش من قبيل الأجر الأدنى وكذا القدرة الشرائية إلى جانب ملفي التشغيل الدائم والحماية الاجتماعية، ولكنه بدا متفائلا بالوصول إلى حلول لها رغم إدراكه أنه من بين الانشغالات التي يطرحها أرباب العمل في اجتماع الثلاثية سيكون حتما مشكل الإنتاجية والضرائب وكذا حاجة المؤسسات والشركات إلى تسهيلات للحفاظ على مناصب الشغل. وبخصوص اجتماع الثلاثية قال ضيف القناة الإذاعية الأولى إنه يستوجب تحضير كل الملفات اللازمة وهو ما يعني، حسبه، أن تحديد تاريخ انعقاده متوقف على مدى تقدم دراسة الملفات التي ستكون محور المفاوضات بين المركزية النقابية والحكومة وكذا أرباب العمل، مجدّدا رفض الاتحاد إشراك النقابات الأخرى المستقلة في المفاوضات وهو الموقف الذي عبّر عنه بقوله "لن نقبل بذلك لأن كل نقابة قادرة على طرح انشغالاتها على الوزارات التابعة لها، فنحن قادرون على التفاوض وبالنسبة لنا ليست لدينا مشاكل تدفعنا إلى تشكيل جبهة ضد الحكومة أو ضد أرباب العمل"، نافيا وجود تضييق على الحريات النقابية في الجزائر. ولدى حديثه عن التأخر في الإفراج عن القوانين الأساسية أرجع مالكي ذلك إلى تعارض الاقتراحات القادمة من الوزارات مع القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية مما يتطلب إعادة هذه الاقتراحات قصد مراجعتها من جديد وهو ما يأخذ وقتا طويلا، حيث أورد بأنه تمت المصادقة إلى حد الآن على 24 قانون أساسي لقطاعات تضم أكبر عدد من العمال مما يشير، حسبه، إلى وجود إرادة سياسية لتجسيد كل الالتزامات. أما بشأن الإضرابات التي تشنها عدد من النقابات المستقلة فقد اعتبرها المتحدث حرة في التعبير عن مشاكلها ما دامت معتمدة من طرف الدولة ولديها الحق في النشاط، لافتا إلى أن تأثيرها محدود مقارنة مع الاتحاد العام للعمال الجزائريين الذي اختار الهدنة الاجتماعية وهو متواجد في كل مناطق الوطن بحوالي 2 مليون منخرط منهم 250 ألف امرأة. وعلى صعيد آخر اعترف عبد القادر مالكي بأن تحقيق 3 ملايين منصب شغل في الخماسي المقبل يبقى أمرا ممكنا شرط أن يتم توسيع النسيج الصناعي وتقديم تسهيلات للمستثمرين، بمعنى التفكير في خلق استثمارات أخرى منتجة غير قطاع المحروقات، مؤكدا أن مضمون العقد الوطني الاقتصادي والاجتماعي تضمن مثل هذا الخيار من خلال إعطاء الأهمية لتحسين المردودية والإنتاجية على مستوى المؤسسات.