يقدم كتاب"الألغاز الشعبية في جنوب الأطلس الصحراوي بالجزائر" الذي جمعه ورتبه المؤلف أحمد بن محمد بن الصغير، لمحة موجزة ومركزة في آن واحد عن الألغاز في منطقة الأطلس الصحراوي، وهو ما يضفي على الكتاب قيمة تراثية وثقافية هامة. الكتاب الذي أصدره مخبر أطلس للتراث بجامعة الجزائر مؤخرا يزخر بأكثر من 531 مادة لغزية تداولها سكان منطقة الأطلس الصحراوي أبا عن جد ومازالوا يستعملونها اليوم في مختلف المواقف التي يتعرضون لها في حياتهم اليومية، ولم يكتف صاحب الكتاب، أحمد بن محمد بن الصغير بتقديم هذه الألغاز فقط، بل عكف أيضا على توضيح سياقها العام ، وحلولها، بل إنه ذهب إلى أبعد من ذلك عندما أرفق الكتاب بدراسة عن فن اللغز باعتباره أحد أهم الفنون التعبيرية التي تكون عصارة مزيج من الفنون الأخرى كالأساطير والطقوس والبوقالات والقصص الشعبية والروايات الملحمية وغيرها، مبينا أنواع الألغاز وظائفها ومختلف قوالبها. غير أن أكثر ما يلفت الانتباه في المؤلف هو حديث الكاتب عن مباريات الألغاز التي كانت تقيمها عادة الراويات من العجائز اللواتي يحفظن الألغاز الشعبية بالتواتر، والمتبارين الذين يكونون من الشبان والصبيان، ولعل أكثر ما يجعل هذا المؤلف مميزا هو أن صاحبه قد عايش حملة هذا المأثور الثقافي وأخذه مباشرة من مصدره ذلك أن اللغز يتألف من مبدأ التلقين. الكتاب الذي قدم له الدكتور عبد الحميد بورايو الذي أشاد بالعمل واصفا إياه باللبنة الجديدة في صرح بناء المعرفة التراثية في الجزائر، يقع في 158 صفحة، حيث تم تنظيم الألغاز الواردة فيه حسب الحروف الهجائية لتبسيط البحث عن الألغاز للقارئ، ومن ابرز العوامل التي ساعدت المؤلف على الاهتمام بهذا المجال والكتابة فيه هو اشتغاله لمدة طويلة بالبث الإذاعي وإنتاج البرامج المتعلقة بالتراث التراث الشعبي.