وجهتنا هذه المرة كانت شركة عريقة، لها تاريخها في عالم الفن الأصيل، أسست سنة 1964، مقرها بالأبيار، اختصاصها التراث، إنها شركة أطلس التي استقبلنا مسيرها السيد بوزيان الرحماني، للتحاور معه بشأن التراث الجزائري ورحلة بحثه الطويلة لجلبه من هنا وهناك... و ركضه للعثور على كل ما هو جميل وأصيل، وكذا معرفة رصيد الشركة التراثي الجديد وأشياء أخرى كثيرة تابعوها معنا... -"المساء": هل لنا الغوص في رحلتك مع التراث؟ *السيد بوزيان الرحماني: إنها رحلة طويلة عمرها 45 سنة بدأت في الواقع قبل تواجد الشركة، فحبي للتراث الجزائري ولد وكبر معي، لذا فكرت في تأسيس شركة تعنى بهذا الكنز الثمين والدفين، وأكون حامي التراث، هذا التراث الذي للأسف عانى في السنوات الأخيرة من تهميش كبير وصل حد الإقصاء، وهذا بعد أن حلت الرداءة والانحطاط محل الأصالة والعراقة،. لكن مع هذا لم ننسحب ولم نستسلم، وواصلنا طريقنا في دعم الاغنية التراثية، وكذا البحث عنها في كل مكان؟ - ماهي أهم السبل التي تعتمدونها لتقصي التراث الجزائري؟ * السبل كثيرة، ونحن في تواصل دائم مع الفنانين والباحثين في التراث وأهل الخبرة والميدان، والأغاني الوطنية أيضا، وأنا شخصيا في سفر دائم، فأينما سمعت بوجود قصائد تراثية أسافر لجلبها إلى الجزائر، لتضاف إلى رصيدنا الفني الثري، أبحث عن أغاني دحمان الحراشي وقروابي والحاج مريزق والحاج منور في باريس وغيرها من الدول الأوروبية فالتراث الجزائري موجود في كل بلاد العالم وليس في فرنسا فحسب. - بما أن شركة أطلس مازالت متمسكة بالتراث وتعمل لأجله.. فأكيد أنها لازالت متمسكة أيضا بالفنان الأصيل؟ * بلا شك، فشركة أطلس كما هو معلوم تعاملت مع أكبر نجوم الفن في بلادنا أمثال الحاج محمد العنقا، أحمد وهبي، دحمان الحراشي، دحمان بن عاشور، شاعو عبد القادر، وسجلت لأعرق الفنانين والفنانات منهم الحاج مريزق، الحاج منور، فضيلة ادزيرية، طيطمة... ولازالت تحتفظ بعلاقتها الطيبة إنسانيا ومهنيا مع كبار الفنانين وعلى رأسهم الفنان القدير رابح درياسة الذي أعتبره شخصيا هرما، والفن من بعده انعدام، وأنا بصدد إقناعه بالعودة الى الساحة والتراث، حيث سجل أغنية رياضية ل"الخضر"، والتلفزيون والإنتاج (تحديدا)، في محاولة لإقناعه بتسجيل أغنية "يا راس بنادم" كلمات سيدي لخضر ورابح درياسة، تلحين البار عمر ورابح درياسة. - وماذا عن علاقة الشركة بأميرة الطرب العربي السيدة وردة الجزائرية؟ * علاقة جد وطيدة وقوية، فالشركة سجلت معظم أغاني وردة، ومنها "عيد الكرامة"، ولا يخفاك أن السيدة وردة فنانة عاشقة ومتذوقة للتراث الجزائري ومتيمة بأغنية "فراق غزالي" التي أدتها بروعة وإتقان، لكنها مع هذا طلبت مني تسجيلها بصوت "بن زينة"، وبالفعل كان لها ذلك، وسجلت الأغنية لها خصيصا وقد عرفت نجاحا كبيرا ولازالت تشهد إقبالا جماهيريا واسعا. - وماذا عن علاقة الشركة بالمسؤولين عن الثقافة؟ * المؤكد أن هناك إرادة سياسية واضحة للحفاظ على التراث فكل 13 سبتمبر هناك معرض خاص يقام تحت شرفه، وتحت الرعاية السامية لرئيس الجمهورية، الذي يحث في كل مرة على ضرورة دعم الموروث الثقافي والفني والتراثي، ويوصي الوزارة المعنية بتولي هذه المهمة، لكن للأسف لا حياة لمن تنادي، فهناك لا مبالاة واضحة بالتراث، فلو سألت أية هيئة ثقافية عربية أو أوربية عن شركة أطلس، لأعطتك أدق التفاصيل عنها، لكن للأسف الهيئات الثقافية عندنا تجهل حتى مكان تواجدنا؟ فمؤخرا شرفني وزيرة الثقافة السعودي شخصيا بالزيارة وقد حمل معه عدة ألبومات تراثية لفنانينا، وقد أبدى سعادته اهتماما بالموروث الفني الجزائري، في الوقت الذي لم يسجل فيه أي اهتمام من مسؤولينا بهذا الكنز الثمين الذي بات محل اهتمام الأشقاء العرب، والأروبيين أيضا، وآن الآوان أن نعطيه نحن أيضا حقه من الاهتمام. - رغم طغيان الرداءة على الساحة الفنية في فترة ما، إلا أن هناك أصواتا شبابية كبيرة تصدت لها، وسجلت حضورها بألبومات نظيفة لاقت نجاحا... وأكيد أن لشركة اطلس دورها في صمود هؤلاء في وجه الانحطاط والرداءة؟ * شركة أطلس دوما مع الأصالة، وقد واجهت الرداءة والانحطاط بأجود الأعمال والأصوات وقامت بتسجيل قصائد شعبية وأغان بكلمات راقية لفنانين شباب كالمرحوم كمال مسعودي، نصر الدين قاليز، ناصر مقداد ونادية بن يوسف التي انقطع تعامل الشركة معها في 2006 نظرا لانجذابها هي الاخرى لتيار هابط لا يخدمها أصلا، وهناك أيضا ديدين كروم الذي ستسجل معه الشركة قريبا، قصائد في الطابع الديني، وشركة أطلس معروفة بالأغنية الدينية والشعبية والتراثية إجمالا... وهناك قائمة كبيرة من الفنانين الشباب الذين رفضوا الرداءة وانضموا إلى الأطلس لينتجوا أجود الأعمال التي أثروابها الساحة الفنية. - عرفت الساحة الفنية في السنوات الماضية أيضا احتجاب العديد من الوجوه الفنية البارزة، الذين واكبت نجوميتهم شركة أطلس، وهل هناك أمل اليوم في عودة بعضهم؟ * لعلمك هناك العديد من الفنانين الذين احتجبوا عن الأنظار، لكن نشاطهم الفني لازال قائما، وعلاقتهم بشركة اطلس مستمرة كالمطرب الكبير "عمر الزاهي"، وهناك ايضا "رحمة بوعلام" الذي سيعيد قريبا تسجيل أغنية "ادعيلي بلخير يا لميمة" مع زطلس، وكما سبق وأن ذكرت هناك العملاق رابح درياسة الذي من المفترض هو أيضا أن يفاجئ محبيه وعشاقه بظهور مميز قريبا، وبعد طول غياب، والقائمة مفتوحة، فعودة هؤلاء الفنانين الكبار مقرونة بالأعمال الجيدة التي ترقى إلى مستواهم. - ماذا تمثل حصة "يا حسرة على زمان".. باعتباركم مؤسس فكرتها على أمواج إذاعة البهجة، وما سبب توقفها؟ * الحصة، عبارة عن رحلة شيقة تغوص في عمق التراث الجزائري الأصيل، وتعود بمستمعيها إلى أغاني تراثية طربية جميلة يهفو إليها أصحاب الذوق الرفيع، وهي حصة تروج للتراث، وتذكرنا بأصوات طالما أطربتنا وامتعتنا، والكثير منها اليوم مهمش، على سبيل المثال لا الحصر، خليفي أحمد الذي يعاني وهو طريح الفراش... والكل غافل، ومامن مؤازر؟! رغم مسيرته الفنية المشرفة، وعطائه اللامحدود في مجال الأغنية الصحراوية أو البدوية الأصيلة، وغيره، والحصة ما جاءت إلا لتمتع وتذكر، وحاليا هي بالفعل متوقفه لوعكة صحية أصابت مقدمها، ونأمل أن يتعافى قريبا ويعود من جديد لتعود معه الحصة بدورها من جديد. - أمنية... * فوجئت مؤخرا بجهة معينة تطالبني بنزع صورة لعميد الاغنية الشعبية الحاج محمد العنقا، وسيدة الحوزي فضلية ادزيرية، والهاشمي قروابي من الواجهة، بحجة أنها إشهار؟! وكل ما أرجوه هو أن يسمح لي بإعادتها إلى مكانها مرة أخرى، لأنها تمثل التراث والأصالة، وتذكر هذا الجيل بأسلافه، فشركة أطلس تقابلها ثانوية تزخر بجيل المستقبل، وكانت هذه الصورة تثير فضول الكثير من الشباب وتجذبه، فيأتي للتقصي عن أصحابها وعن رصيد أعمالهم.. فينجدبون إليهم ويتشبثون بجذورهم، فالصورة كانت تمرر رسالة، فحتى وإن اعتبرت اشهارا، فما المانع من الترويج للتراث الجزائري عبر صورة تضم ألمع نجومه؟!