ليس ل "الزكارة" أصل في اللغة العربية فيما أعلم، غير أن لها أصلا في هذا المجتمع الذي يتفنّن فيه المسؤولون في مختلف مستوياتهم في الظلم والإمعان في التسويف والإهانات. حاولتُ أن أبحث عن خيط رفيع في اللغة من حيث الاشتقاق أو حتى التشبيه أو الإيحاء فما وجدتُ غير هذا الحجم الكبير من المعاناة بفعل تاريخ يومي لمواطن أعياه سلسلة متلاحقة من أنواع الزكارة.. الزكارة قريبة من معنى الإمعان في الظلم والاحتقار، هي أكثر من نكاية حيث تنتفي الأسباب والمبررات.. الزكارة خبرة بطعم مّرّ، ولذلك إن سألت عن معناها قيل هي "المكر" بل أكثر منه، وقيل هي "الإذلال" بل أكثر منه، وقيل هي "الباطل" بل أكثر.. الزكارة أن لا تُقضى حاجتك ولو طلعت إلى السماء..مهما كان استياؤك أو غضبك..ما من مبررات أو أسباب وجيهة.. الزكارة "عناد بيروقراطي" يكرّه الناس في حياتهم، "يجرّيهم"، يقهر إرادتهم، يبثّ اليأس في روح الأمة برمّتها حيث لا تنفع البرامج والسياسات وحتى الخطب وبلاغة "اليتيمة وأبنائها الجُدد"..! هذه الزكارة التي أبدع أساليبها البيروقراطيون والمسؤولون الرديئون أفرزت ردّ فعل آخر وزكارة بديلة..! أصبح لدى الذين عانوا من فيروس الزكارة مناعة اجتماعية أفرزت ردّ فعل جديد عبارة عن "زكارة جديدة" لمقاومة "الزكايرية" وما أكثرهم في هذا البلد.. صرنا نسمع عن "نعيش زكارة"، "نقرا زكارة"، "ننجح زكارة"، بل تطورت الزكارة إلى برنامج انتخابي ومكّنت أحدهم من الترشّح زكارة وبات نائبا في البرلمان زكارة..! لا أحد ينبه من أهل علم الاجتماع بصدق وعمق عن الآثار المدمّرة للزكارة في وجدان الناس وأرواحهم.. لا أحد يلتفت ليداوي جراح الناس بمحبّة ويشعرهم بأن كل ما يقام لهم هو في صالحهم ولأجلهم، وأنها بلاد الخير وليست بلاد الزكارة.. أما بعد: