مرت الذكرى 53 لاضراب الطلبة الجزائريين خلال الثورة المسلمة، والذي اعتمد يوم 19 ماي يوما وطنيا للطالب يتم فيه كل عام احياء الذكرى، تمجيدا وتخليدا لدور الطالب الجزائري في تحرير الجزائر والانتقال من مقاعد الدراسة في الثانويات والجامعات الى الجبال والشعاب لحاقا بمن سبقه من المجاهدين• كما كان الطلبة الذين أرسلتهم قيادات الثورة متواجدون في العديد من العواصم العربية والعالمية إما التحاقا بالجامعات أو بالمدارس والكليات العسكرية للتدريب والتكوين في مختلف الأسلحة من الطيران الى الدبابة الى سلاح الاشارة، وتخرجت دفعات ساهمت بشكل أو بآخر في دفع العمليات العسكرية ضد الإحتلال في حين كان هؤلاء خريجي الكليات العسكرية والجامعات المدنية نواة للجيش الجزائري بعد الاستقلال• الطالب الجزائري كان عنصرا فاعلا في الحياة الوطنية، ساهم بشكل ملفت في الحركة الوطنية وأحدث حركية سياسية أعطت للعمل الوطني انتشارا ومصداقية ومن ثم كان العنصر الفاعل في دفع الأحداث للتصاعد و المقاومة لتنعكس على الميدان الاعلامي من خلال الصحف التي كانت تصدر في الأربعينيات والخمسينات من القرن الماضي• هؤلاء عاشوا وتعايشوا مع محيط كانت تسوده الروح الوطنية والعمل المقاوم للاحتلال والتخطيط للثورة على الاستعمار والتجنيد لتوعية الشعب عبر أنحاء الوطن ومواجهة الآلة الاستعمارية الدعائية التي كانت تستغل بساطة المواطنين من جهة واستعمال أساليب الضغط الأخرى بالاعتقال والمداهمة ومصادرة الأملاك• وحيثما وجد الطالب الجزائري في المشرق أو المغرب في أوروبا أو آسيا أو أمريكا، كان خلية متنقلة سرعان ما تتوزع نشاط عبر جميع المنابر، ساهموا في الاذاعات من خلال حصص عن الثورة الجزائرية، وكتبوا في الصحف الصادرة في بلدان تواجدهم نظموا المسيرات والندوات شاركوا في المؤتمرات والتجمعات العربية والدولية ورفعوا العلم الوطني وثبتوا مقعد الجزائر المجاهدة في المحافل الدولية• كان من الطلبة الشهداء والمجاهدين، وكان من الطلبة الديبلوماسين والاعلاميين، الشعراء والكتاب، الممثلين والرسامين، كل كتب في صفحة الجهاد والثورة بما أتيح له أن يكتب ويسجل، وقد جاء تاريخ الثورة حافلا بالبطولات والمواقف التي كان للطلبة الجزائريين دورا فاعلا لا تزال تذكره الأجيال وتتناوله الأقلام والخطب كلما عادت ذكرى 19 ماي 1956• لقد تكلمنا عن الماضي بفعل "كان" وباختصار شديد، أي مجرد اشارات وتلميحات دون الدخول في التفاصيل في الأسماء والأحداث، فأين موقع الطالب اليوم في جزائر الحرية والاستقلال، جزائر البناء والتنمية لقد خفتت شعلة النشاط الطلابي ولم يعد قوة فاعلة ودافعة تؤثر في مجريات الأحداث الوطنية وتدفع بالعمل الوطني إلى الاستمرار في مساره على طريق بناء الجزائر بكل مكوناتها ومقوماتها وثوابتها، وعلى الرغم من ارتفاع نسبة تواجد الطلبة عبر الثانويات والجامعات الجزائرية إلا أنهم أصبحوا قوة مشتتة بين التيارات السياسية والأحزاب التي استقطبتهم وأطرت تحركاتهم بما يخدم هذه الأحزاب لا كما يجب أن يكون عليه الطالب الذي يتصدر الأحداث في بناء الوطن والدفاع عن الثوابت الوطنية والوقوف في وجه الانحرافات وتعرية القوى الإنتهازية التي سادت اليوم عبر كل المواقع وفي كل الاستحقاقات• وإذا كان الطالب بالامس قدم أغلى ما يملك من أجل الجزائر، فإنه اليوم مطالب بأن يكون جنديا في ساحة المعركة لأنه سلاح المستقبل والقوة التي تمد الوطن بكل امكانيات الرقى، فهو الأستاذ، والباحث، وعالم الذرة، ومهندس الاتصالات وو••• تلك هي الرسالة التي على الطالب اليوم أن يحملها ليبني وطنا، لا أن يبحث عن أقصر الطرق للغنى، بالهروب إلى أوطان أخرى يقدم لها ما اعطته الجزائر وهو يتلمس طريقه نحو المستقبل••• واللوم قائم على الدولة لأنها لم تتخل عن سياسية التفريط في أدمغة الوطن•