حدد المرسوم التنفيذي الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 6 ماي طرق وكيفيات الحصول على الأراضي التابعة للدولة والمخصصة لانجاز المشاريع الاستثمارية، حيث أكد المرسوم أن الأراضي الواقعة في المناطق الصناعية أو الواقعة ضمن مناطق النشاط، ستدمج نهائيا في الأملاك الخاصة للدولة. تأتي هذه الإجراءات الجديدة لتضع حدا للجدل الذي كان قائما بشأن هذه الأراضي المقدرة ب 15000 هكتار، والتي كانت تابعة للمؤسسات العمومية في معظمها ، حيث كانت بعض الجهات تطالب بمنحها للمؤسسات المعنية، التي تقوم بالتنازل عنها لفائدة المستثمرين الخواص والأجانب، وهذا حتى تتمكن من دعم نفسها ماليا ومواجهة ظروفها الصعبة كدفع ديونها أو تجديد وسائل إنتاجها أو استثمار مثل هذه المداخيل الجديدة في مشاريع تعود عليها بالفائدة. وحسب أحكام هذا المرسوم ، فإن التنازل عن هذه الأراضي"يمنح للراغبين لمدة 33 سنة كحد أدنى قابلة للتجديد مرتين، أي أن التنازل يمكن أن يصل 99 سنة كحد أقصى، إذا احترم المستفيد القوانين التي تنظم عملية التنازل"، وهذه هي المشكلة الأساسية، التي كانت دوما تشوه عملية التنازل، حيث كثيرا ما كان المستفيدون يغيرون طبيعة نشاطاتهم بعد الحصول على الأرض، أو يؤجرونها للغير، فضلا عن المضاربة التي كانت سائدة في هذا الميدان إلى درجة أن الكثير من المستثمرين الأجانب غيروا وجهتهم نحو بلدان أخرى بسبب هذه الحالة البيروقراطية، التي أثارت اهتمام الهيئات المالية الدولية، التي قامت بإجراء تحقيقات ميدانية في الجزائر للوقوف على الوضع الحقيقي لمسألة العقار. واستنادا إلى دراسة أعدها البنك العالمي حول مناخ الاستثمار في الجزائر، وشملت الدراسة حوالي 500 مدير مؤسسة وطنية وأجنبية، تبين أن الحصول على قطعة أرضية لانجاز مشروع ما، "يتطلب مدة لا تقل عن ثلاثة سنوات مع تكوين ملف يشتمل على 18 وثيقة وهذا دون أن ننسى الصعوبات الأخرى، التي يجب على المستثمر تجاوزها مثل ربط مشروعه بالماء والهاتف، أما تقديم طلب للحصول على قرض فقد يستغرق الأمر خمس سنوات كاملة للحصول على إجابة إما برفض الطلب أو قبوله...." حسب هذه الدراسة. وفيما فيما يتعلق بالأراضي التابعة لأملاك الدولة التي تتولى تسييرها ( الوكالة الوطنية للضبط والتوسط العقاري)، فالتنازل يتم عن طريق تنظيم المزايدات العامة والمحصورة ، كما يتم التنازل عن الأراضي بالتراضي، "لكن هذا مرخص به عن طريق اقتراح تقدمه الوكالة سالفة الذكر وصدور قرار وزاري من وزارة الصناعة وترقية الاستثمار"، ويبقى السؤال المطروح، هل تسمح هذه التدابير الجديدة من تسهيل عملية الحصول على العقار الصناعي في آجال مقبولة وتجاز حالة الفوضى والبيروقراطية التي تعرفها مسألة العقار ببلادنا ؟ غير أن المستفيد من العقار الصناعي سواء في إطار الاستغلال أو التنازل، لا يستطيع التصرف في هذه الأرض كما يشاء، لأن المرسوم الرئاسي "ينص على فسخ العقد إذا أخل المستفيد بالالتزامات الواردة في في دفتر الشروط المحددة للاستخدام الدقيق للأرض"، أما الذي يحترم تعهداته فالمرسوم ينص على إمكانية تحويل هذه الأرض من حالة الاستغلال إلى حالة التنازل التي تعني التمليك.