بعد أن تعذر حضوره إلى الجزائر للمشاركة في طبعة القدس للمهرجان الوطني للمسرح المحترف ولأسباب مرتبطة بالإدارة الإسرائيلية ورغم شساعة المسافة التي تفصلنا عن قلب الأمة العربية وفردوسها الضائع القدس نلتقي بالمخرج والمؤلف الفلسطيني المميز كامل الباشا المولود عام 1962 بالقدس وعرف أنه من الفاعلين في المسرح الفلسطيني، فقد شارك كممثل في (23) مسرحية، وكمخرج في (13) مسرحية وكتب (13) مسرحية، كما ترجم (5) مسرحيات وشارك في (5) ورشات فنية متنوعة في فن المسرح، كما أشرف على (6) دورات متنوعة في فن المسرح، وشارك كممثل ومخرج في (14) مهرجان دولي ومحلي.. وقد حصل كامل على أكثر من جائزة كما أنه عضو مؤسس في رابطة المسرحيين الفلسطينيين واً عضو اتحاد الكتاب الفلسطينيين ***هل من كلمة في بداية اللقاء ؟ ---بداية أرجو السماح لي بتحية جميع الفنانين وأهل الثقافة والفكر المشاركين في المهرجان وجمهور المهرجان على تنوع أطيافه ومشاربه ، كما أرجو إيصال شكري وتقديري العميقين للسيد محافظ المهرجان وجميع الطواقم العاملة على انجازه وإنجاحه لما يبذلونه من جهود نقدرها جميعا. * الدورة الجديدة للمهرجان الوطني للمسرح المحترف في الجزائر تحت شعار " القدس عاصمة أبدية للثقافة العربية" ما تعليقك؟ ---بين الشعار والواقع بون شاسع ،ومع إدراكي للنوايا الطيبة التي تنطلق منها هذه التسمية إلا أنني ومن منطلق كوني اسكن مدينة القدس وأعيش حالة التهويد بكل حذافيرها أجد نفسي مضطرا للصراخ بان هذا لا يكفي ، وان علينا أن نخطو خطوات عملية باتجاه تحويل هذا الشعار إلى حراك واقعي وعلى كافة المستويات وان ذلك لن يتحقق الا باستنهاض كافة الطاقات والإمكانات العربية والإسلامية والإنسانية لتحويل إنساننا العربي من شخصية مستلبة إلى أخرى فاعلة تنهض بالواقع العربي لتغير داخل المجتمعات العربية أولا ثم تنعكس بعدها على قضية القدسوفلسطين فيتحول الشعار من أمنية إلى مسار عملي قد يستغرق زمنا أطول ولكنه سيصل إلى مبتغاه في نهاية المطاف ، فتحرير القدس والمحافظة على عروبتها يأتي بالدرجة الأولى من تحرير الإنسان العربي الذي طال توقه للحرية وألانعتاق . * كيف يقرأ الكاتب والمخرج المسرحي الفلسطيني كامل الباشا اللحظة المسرحية العربية الراهنة ؟ ****إن التعتيم الذي تفرضه أجهزة الإعلام المرئي والمقروء الرسمية والشعبية على مجمل الحركة المسرحية العربية ، والمساحة شبه المعدومة التي تفرد للمسرح العربي في تلك الأجهزة تحول عملية التواصل والمتابعة لكل ما يتم انجازه شبه مستحيلة كما أن الميزانيات التي ترصدها كافة الحكومات العربية مجتمعة للحركة المسرحية لا يوازي ما ترصده دولة الاحتلال لأحد مسارحها سنويا ، كما أن ما ترصده المسارح العربية الحكومية ( إن وجدت ) والخاصة لترويج أعمالها إعلاميا يكاد لا يذكر وبالتالي فان من شبه المستحيل أن أتمكن أنا أو سواي من تكوين صورة ولو أولية عن اللحظة المسرحية العربية ألراهنه ، إلا إذا اعتبرنا أن ما يقدم من أعمال في المهرجانات التي نحضرها مؤشرا على ذلك ، وهذا مخالف للحقيقة فمجمل الأعمال التي تشارك في المهرجانات العربية لا تعكس صورة دقيقه على الإطلاق لمجمل ما يتم انجازه وبالتالي فان أي رأي أو تكهن أو استنتاج في هذا السياق سيكون مغلوطا وبناءا عليه ورغم كل ما قلت فإنني لا أجد جوابا للسؤال . *هل استطاع المسرح العربي على مدار مساراته وتقلباته أن يؤطر هموم القضية والإنسان الفلسطيني ؟ ***لا . فمجمل ما قرأته أو قرأت عنه أو تابعته على شاشات التلفزة شعاراتي يتعامل برومانسية مع هذا الموضوع ويحول مركبات القضية الفلسطينية إلى بقرات مقدسة وبالتالي يقرأ الحالة الفلسطينية بنوستالجيا تثاقفية تقترب من الواقع بقدر اقتراب عالم الفلك من مهنة حفار القبور . وإذا ما قارنا نسبة ما يتم انجازه مسرحيا في هذا المجال ( وأتحدث هنا عن الكم لا عن النوع ، فمن ناحية النوعية المصيبة اكبر ) بما أنتجته الحركة الصهيونية في الاتجاه المعاكس فسنبكي على أنفسنا . *دور المسرح في توحيد الرؤى العربية اتجاه القضية الفلسطينية ؟ **لا بد أن يكون للمسرح دور كبير في هذا المجال ، ولكن ، ليتمكن المسرحيون من ممارسة دورهم يتوجب علينا أن نعطيهم المنصة المناسبة والملائمة وان نزودهم بالإمكانيات الضرورية لتنفيذ ذلك الدور ، يتوجب على المسرحيين ان يدافعوا عن حقهم وعلى السياسيين أن يدركوا أهميتها وتأثيرها وإلا فسنستمر بطحن الماء . *ماذا عن مداخلتك خلال الملتقى العلمي "المسرح العربي والقضية الفلسطينية"؟ ***لقد نوهت في خطابي للمشاركين في الملتقى إلى أنها مقالة ولا أجرؤ على تسميتها مداخلة ، ذلك أنني لم أتمكن لضيق الوقت من تحويلها إلى بحث علمي يستند إلى مرجعيات واضحة وعنوانها ( المسرح الفلسطيني بين مطرقة التمويل وسندان الإهمال ) وأرجو أن توضح جانبا من جوانب معاناة الحركة المسرحية الفلسطينية داخل فلسطينالمحتلة . *المرأة الفلسطينية في المسرح العربي أي حضور والغياب ؟ **يتم تحويلها من بشر من لحم ودم إلى مقدس هلامي لا يعكس الواقع . *تجربة المسرح الفلسطيني .تقييم التجارب ؟ ***أظن أن مسرحنا الفلسطيني بدا يحبو بعد أن خرج من قماطه ( القماط هو ما نلفه حول الرضيع ) وأظن أن هذا الطفل الذي يحبو تظهر عليه علامات الفطنة والذكاء وانه بحاجة ماسة للرعاية والثقافة الموسوعية ليصبح مع مر السنين مؤهلا للتعبير عن ذاته بصورة تدهش المتلقي ، في حركتنا المسرحية أسماء لامعة وطاقات مذهلة وجيل جديد يبشر بمستقبل واعد . قدمنا أشكال المسرح على تنوعها بدا من المسرح الإغريقي وانتهاء بالتجارب المسرحية الحداثية وجربنا الكثير من المدارس والأساليب المتداولة وأظن أن الوقت قد حان ليبحث هذا الطفل الحابي عن أسلوبه الخاص وهويته المميزة . *ماذا عن تجربك في الإخراج والكتابة المسرحية أو ماهي مفاتيح مشروعك المسرحي ؟ ***أنا بالأساس ممثل مسرحي وأحب أن أكون كذلك ولكن الحاجة دفعتني للكتابة ثم للإخراج ، كنت فيما سبق أمارس الكتابة والإخراج لكي لا اخرج من نطاق الممارسة المسرحية ، وبمرور السنين ومع تراكم التجارب اكتشفت أن البقاء لا يعني التنفس ، انه يعني القدرة على إحداث التأثير والتغيير ، وبالتالي أجدني اليوم ابحث عن هوية مميزة للمسرح الفلسطيني ، عناصرها ، مركباتها ، أدواتها ، لغتها ... الخ واعتقد أنني وجدت خيطا دقيقا يجمع بين عناصر نظريتين غير مكتملتين الأولى : نظرية ( الممر ) للفنان الفلسطيني الراحل يعقوب إسماعيل والتي هي في طور بلورة عناصرها ( من قبل لجنة من زملائه وطلابه ، وأنا احد أعضاء هذه اللجنة ) وتبحث في تنوع الفراغ المسرحي وأثره على بقية عناصر الإنتاج المسرحي ، وتجريد المنصة من كافة عناصرها باستثناء الممثل ، والوصول بالشخصية إلى لحظة الذروة التي تؤدي للتشظي وإحداث صدمة ذهنية لدى المتلقي ، والثانية نظرية في تدريب الممثل لأستاذ التمثيل الايطالي غابرييل فيشاس ( السكيرا ) وتبحث في تمرير تقنيات التمثيل فيزيائيا قبل التنظير لها ، يضاف لما سبق محور ثالث استخدمه للمزج بين الأسلوبين السابقين ويعتمد الشعور بدل الفعل كأهم مرتكزات العرض المسرحي . وقد بدأت مؤخرا وبعد عدة تجارب في هذا الاتجاه بمحاولة تطبيق بعض ما توصلت إليه من استنتاجات على ما اكتبه أو ما أخرجه من أعمال كان أخرها على خطى هاملت المستندة إلى هاملت شكسبير ، ومؤخرا مسرحية على خد الحلم المرتكزة على مسرحية دوائر للكاتب الفلسطيني ادمون شحادة وقد لاقى العرضين اهتماما واسعا من الجمهور الفلسطيني وأثارا جدلا اعتقد انه بداية الطريق . * جدوى المسرح والمهرجانات في زمن الحروب الإلكترونية وتفخيخ القضية الفلسطينية ؟ ***أكرر ما يقال باستمرار للإجابة على هذا السؤال ، المسرح وسيط حي يمكن أن يزلزل عروشا وان يقلب معادلات فكرية وثقافية رأسا على عقب كما يمكن أن يحول الجحيم إلى جنة وبالعكس شريطة أن نوظف فيه جميع إمكاناتنا وما الحروب الالكترونية إلا انعكاس لأفعال حية ، فإذا كان الفعل المسرحي قويا كان أثره كذلك ، لذا فان من واجب الجميع الاستثمار فيه وبعدها يمكن السؤال عن النتائج ، المهرجانات هامة وضرورية ولكن ما يوظف لإنجاحها غير كاف وأنا هنا اقرع الجرس الذي يقرعه زملائي المسرحيون منذ عشرات السنين . * الجمهور العربي والمسرح أي علاقة ؟ ***الجمهور العربي مكون من آدميين يؤثرون ويتأثرون بما يحيطهم ، واهتمامهم بالمسرح يزداد على مر السنين ، ورغبتهم في الاستزادة لا شك فيها ولكن التقصير الإعلامي يعكس أثره على عدد الحضور فكيف أتوقع حضور الجمهور إن لم يكن على علم بالنشاطات المسرحية ، علينا أن نوصل له المعلومة وان نستحوذ على اهتمامه وسيحضر وسيستفيد وسيستمتع . * ماذا عن أحدث أعمالك المسرحية "على خطى هاملت "؟ ***"على خطى هاملت" نجحت وعلى كافة المستويات في القدس ورام الله وحيفا والناصرة ونابلس والخليل وعروضها مستمرة وقد بلغت حتى الآن 14 عرضا وتبعها عملي الأخير على خد الحلم وقد تم افتتاحها مؤخرا في قاعة محمود درويش بالمركز الثقافي بمدينة الناصرة وبنجاح كبير ونعمل حاليا على تنسيق عروضها بالموازاة مع مسرحية على خطى هاملت .