لاتزال الرباط مستمرة في مناوراتها المفضوحة والرامية إلى إيهام الرأي العام الدولي بأن موقف الجزائر من القضية الصحراوية يهدد الوحدة الترابية للمملكة المغربية، وتسعى إلى إقحامها في كل مناسبة أو غير مناسبة وحتى في علاقات المغرب الثنائية مع الدول والتنظيمات الدولية والإقليمية، على غرار ما حدث في اجتماع عقد بالرباط بين البرلمان المغربي ووفد عن الاتحاد الأوربي يتعلق بالعلاقات الثنائية• شن، أول أمس، رئيس مجلس المستشارين المغربي، المعطي بن قدور، هجمة شرسة على الجزائر خلال اجتماعه برئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوربا، لوي ماريا دوبيك، الذي يقوم بزيارة إلى الرباط وعوض أن يهتم بن قدور بالقضايا ذات الاهتمام المشترك بين المغرب والاتحاد الأوربي، قام بإجهاد نفسه لإقحام الجزائر في جدول النقاش، حيث قال "بأن المحادثات تطرقت إلى تطورات قضية الوحدة الترابية المغربية والدور الجزائري فيها ومواقفها التي لا تبنى على أسس سليمة"• وأضاف المستشار بأن الجزائر "تعرقل مسيرة الاتحاد المغاربي من خلال خلق كيان مصطنع ومعاكسة الحق المغربي"، في إشارة إلى جبهة البوليساريو، التي نسي المستشار المغربي أن الأممالمتحدة منحتها ووفقا لمواثيقها التي صادق عليها المغرب، الحق في تقرير المصير منذ 63 عندما صادقت الأممالمتحدة على قرار مبدأ تقرير المصير للشعوب المستعمرة، على اعتبار أن مبدأ الأممالمتحدة واضح وجلي في هذا الشأن، وينص على منح جميع الشعوب التي كانت تحت نير الاستعمار الحق في تقرير مصيرها، وما الإعلان عن مفاوضات بين الرباط والبوليساريو إلا اعتراف أممي بشرعية التمثيل الصحراوي ومطالبه، حيث تعتبر قضية الصحراء الغربية آخر حالة استعمار في القارة السمراء• ويأتي هذا الاستعطاف المغربي للأوربيين من أجل كسب تعاطف أوربي والضغط على الجزائر، تزامنا مع زيارة مفوض الأمين العام للأمم المتحدة في قضية الصحراء الغربية، كريستوفر روس، خاصة بعد التصريحات الجزائرية الأخيرة على لسان الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، عبد العزيز بلخادم ، بشأن ملف الحدود المغلقة بين البلدين، حين أكد بأنها لن تفتح ما لم يسبقها اتفاق على جملة من النقاط منها مكافحة الإرهاب والتهريب، لاسيما الأسلحة والمخدرات والهجرة السرية• وفي سياق متصل بملف الحدود والتهريب والهجمة الممنهجة على الجزائر، طالعتنا إحدى الصحف المغربية بمقال غريب تدعو فيه نقاط التفتيش المغربية على الحدود الجزائرية والسكان على حد سواء، إلى أخذ الحيطة والحذر مما وصفته منتجات جزائرية تتهدد حياة المواطنين المغاربة، خاصة الرضع منهم، حيث قالت بأن حفاظات أطفال غير صالحة للاستعمال البشري تم حجزها في الجزائر، مع أنه لم يثبت وأنها دخلت الأراضي المغربية• ويبدو أن المغرب كما يقول المثل الجزائري "ياكل الغلة ويسب الملة"، قد شبع من خيرات الجزائر التي وجدت طريقها إلى مختلف المدن المغربية عبر نشاط شبكات التهريب التي تنشط بشكل رهيب على الحدود وتكبد اقتصادنا الخسائر تلو الخسائر، وتوفر ما لذ وطاب من منتجاتنا للمغاربة وبأثمان بخسة لم يكن يحلم بها حتى الفقراء الذين لا يستطيعون اقتناء السلع المغربية نظرا لأسعارها الملتهبة• وبالمقابل، يتواصل سيل سموم المخدرات المنتجة على أرض المملكة وخاصة القنب الهندي بالتدفق إلى الجزائر، التي حولت الجزائر من بلد عبور إلى بلد استهلاك من الدرجة الأولى وما 38 طنا من القنب التي تم حجزها العام 2008 إلا خير دليل وما خفي أعظم•