وجه وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري تهديدات صريحة للجزائر التي اتهمها بتهديد ما أسماه ب » الوحدة الترابية للمملكة«، وزعم الوزير المغربي أن وضعية حقوق الإنسان في بلده هي أحسن بكثير عن مثيلتها في الجزائر التي قال بأن وضعية حقوق الإنسان مزرية بأراضيها، هذا في وقت طالبت فيه منظمة حقوقية مغربية تدعى » الكرامة« الأممالمتحدة من أجل التدخل لدى الرباط لمنعها من ترحيل ثلاثة جزائريين إلى وطنهم بعدما قضوا فترة سجنهم بالمغرب بتهمة تتعلق بالنشاط الإرهابي. فتح الطيب الفاسي الفهري وزير الشؤون الخارجية والتعاون المغربي ، أول أمس الثلاثاء، في رده على سؤال شفوي حول "مستجدات القضية الوطنية" أمام الجلسة الأسبوعية لمجلس المستشارين ، أن المغرب »لن يتساهل مع التصرفات المبيتة التي يراهن عليها خصوم الوحدة الترابية للمملكة«،وأضاف مسؤول الدبلوماسية المغربية بأن ما اسماه ب »التطور الإيجابي للقضية الوطنية«، في إشارة إلى مخطط الحكم الذاتي الذي تسعى الرباط إلى فرضه بكل الوسائل على الشعب الصحراوي والمجتمع الدولي، دفع خصوم »الوحدة الترابية«، ويقصد بطبيعة الحال الجزائر، التي يعتبرها الخطاب الرسمي المغربي هي المسؤولة عن النزاع في الصحراء الغربية، »إلى المراهنة على حسابات ومناورات قذرة«، وأشار في هذا الشأن إلى ملفين أساسيين يقلقان النظام المغربي ويسببان له خاصة على المستوى الخارجي مشاكل دبلوماسية كبيرة وهما أولا نهب الثروات الطبيعية في الصحراء الغربية خاصة الاستغلال الفاحش للفوسفات من قبل شركات لمغربية وشركات أخرى اغلبها أوربية، علما أن التحركات التي قامت بها الحكومة الصحراوية والعديد من المنظمات الحقوقية في العالم سمحت بإقناع العديد من المؤسسات الأوربية أخرها مؤسسة ايطالية بالرحيل عن الأراضي الصحراوية المحتلة، وفضلا عن هذا الملف الذي يضعه الوزير المغربي الطيب الفاسي الفهري في خانة »المزاعم الباطلة«، هناك ملف آخر يسميه مسؤول الدبلوماسية المغربية بتحريض بعض العناصر المشبوهة للتلاعب بورقة حقوق الإنسان، وهو ما يؤكد صراحة بان الجهد الذي بذلته الدبلوماسية الصحراوية وما قامت به العديد من المنظمات الحقوقية الصحراوية أو تلك المتواجدة في باقي دول العالم خاصة بأوربا قد أتت أكلها، بحيث سمحت بتعرية النظام المغربي وإظهاره على حقيقته بصفته نظام استعماري مغتصب لأرض الغير والذي يؤسس بقاءه على القتل والسجن والبطش بالشعب الصحراوي وخاصة بالنشطاء الحقوقيين الصحراويين الذين يتم الإلقاء بهم تباعا في سجون محمد السادس السيئة السمعة، أين يلاقون أبشع أصناف القهر والتعذيب. ويبدو أن الصورة السيئة التي التقطها الرأي العام العالمي حول وضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية وحتى داخل التراب المغربي، والتقارير السوداء التي كشفت حالة الحقوق والحريات في المغرب هو الذي دفع بوزير الخارجية المغربي إلى توجيه اتهامات جزافية صوب الجزائر، حيث أضاف الطيب الفاسي الفهري قائلا : » إن السلطات المغربية لن تتساهل مع هذه التصرفات المبيتة، وترفض توظيف هذه الورقة مطية لأي شكل من أشكال المزايدة، خاصة من طرف أولئك الذين يعلم الجميع الوضعية المزرية لحقوق الإنسان بأراضيهم، والتي لا يمكن مقارنتها مع مناخ الحرية والانفتاح بالمغرب«، وتابع الفاسي الفهري أن الوزارة تشدد على ضرورة مواصلة التعبئة الوطنية الحازمة، واستثمار كل الطاقات والجهود بما فيها الدبلوماسية البرلمانية، بروح من اليقظة للدفاع عن السيادة الوطنية والوحدة الترابية للمملكة. ويبدو أن الرباط قد شرعت كما جرت العادة في حملة مضادة تستهدف الجزائر بهدف التستر على الجرائم التي ترتكبها بحق الصحراويين، وخاصة بحق نشطاء حقوق الإنسان والسجناء السياسيين في سجون المملكة على غرار سجن سلا والسجن الأكحل، وتم تكليف منظمة تسمى » الكرامة « بهذه المهمة، وكشفت المنظمة المذكورة التي تعنى بقضايا حقوق الإنسان في بيان تحصلت » صوت الأحرار « على نسخة منه أنها قد قامت بمراسلة المبعوث ألأممي الخاص المكلف بقضايا التعذيب داعية إياه للتدخل العاجل لدى السلطات المغربية لإقناعها بعدم تسليم ثلاثة جزائريين إلى السلطات الجزائرية مهما كانت الضمانات التي تقدمها الجزائر فيما يتعلق بعدم تعرض هؤلاء الأشخاص للتعذيب، وذكر بيان المنظمة الحقوقية أسماء كل من سيدي محمد بورويس وساجي القاسيني وخالد العيداوي قالت أنهم ينحدرون من ولاية تلمسان وكانوا قبيل توقيفهم والزج بهم بتهمة الإرهاب من قبل السلطات المغربية، ينتمون للجبهة الإسلامية للإنقاذ، وأكد نفس البيان أن هؤلاء انتهت مدة محكوميتهم يوم 15 أكتوبر 2009 بالمغرب بعد أن قضوا 14 سنة سجنا نافذة، والآن مهددون بالتسليم إلى الجزائر، وزعمت أن هناك مخاوف من تعرضهم للتعذيب والاعتقال بالجزائر مجددا. لقد أكد وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري في رده بأن الخلفيات الإقليمية والظروف الدولية التي أدت إلى إثارة ما اسماه ب » النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية«، معروفة لدى الجميع وترتبط على حد زعمه بما وصفه ب »الموقف الجزائري العدائي ضد استرجاع الأقاليم الجنوبية للمملكة بناء على اتفاقيات مع الدول المحتلة مثلما استرجع المغرب طرفاية وسيدي إفني«، وهكذا يتبين مرة أخرى أن الجزائر كانت ولا تزال تشكل مشجبا يعلق عليه النظام المغربي انتكاساته الدبلوماسية ونتائج ممارساته المشينة في الصحراء الغربية واندفاعه المبني على النزعة التوسعية للعرش العلوي التي يدفع ثمنها الشعب المغربي والشعب الصحراوي على حد سواء، ويحول دون بناء مغرب عربي موحد ومستقر. ويعتمد الخطاب المغربي على ازدواجية مفضوحة، فمن جهة يستعمل دبلوماسية » الأخوة «، في محاولاته للضغط على الجزائر فيما يخص قضية الحدود التي تحولت إلى أولوية بالنسبة للدبلوماسية المغربية، ويلجا من حين لأخر كما فعل الطيب الفاسي الفهري إلى »بدبلوماسية التعفين« التي يراد من ورائها تحميل الجزائر مسؤولية النزاع في الصحراء الغربية ومن ثمة التستر على الجرائم التي يقترفها النظام المغربي ضد الصحراويين بالأراضي الصحراوية المحتلة وحتى داخل المغرب.