خلال تجول" الفجر" في أرجاء العاصمة لفت انتباهنا طاولات عرض المفرقعات والألعاب النارية في الأسواق الشعبية والموازية، والتي تفنن أصحابها في ترتيبها وعرضها لجلب أكبر عدد ممكن من الزبائن، لاسيما الأطفال الذين يتفاخرون فيما بينهم بالأكثر كمّا من الألعاب النارية والمفرقعات• وانتشر هذا التنافس بين الأطفال ليصل إلى الأولياء، فأصبحوا يتسابقون في اقتناء أكبر كمية وصرف أكبر قدر ممكن كمن النقود في هذه التفاهات، وكأنها سنة حميدة تتوارثها الأجيال• ويبدو أن الأمهات لم تسلم من هذا المرض المعدي، فالكثيرات ممن قصدن الأسواق الجوارية، خصصن قسطا من مالهن لاقتناء أنواع المفرقعات وأخريات أتين خصيصا لشرائها• وفي سؤال لنا لإحدى السيدات عن سبب تهافتهن على هذه الأنواع، ردت أن هذه المفرقعات أضحت عادة في المجتمع الجزائري للاحتفال بالمولد النبوي الشريف.."لا أستطيع أن أستثني بيتي"• أما أم حسام فأوضحت أنها صرفت في هذه الأثناء 1000 دج فيما سمته ب "لوازم المولد النبوي" المفرقعات والشموع والألعاب النارية، وعندما سألناها عن مدى درايتها بخطورة هذه المقتنيات على صحة وسلامة أطفالها خصوصا وأنها تزرع فيهم أشكال العنف، ردت المتحدثة أنها تفعل أي شيء يسعد أطفالها• أولياء يبالغون في الشراء وأسعار خيالية للمفرقعات أفضى لنا ناصر من بلوزداد أنه صرف حتى الساعة حوالي 4 آلاف دينار منذ شهر على أبنائه الخمسة لأجل المفرقعات، وأضاف صديقه خالد أن أطفاله يتنافسون على تفجير أحدث المفرقعات وأكثرها قوة وإحداثا للدوي، وتتحول العمارات في فترة المولد إلى ساحات من الحروب ينقسم فيها الجيران إلى فريقين مستعملين القذائف والمفرقعات المعلبة في شكل أسلحة حقيقية، وغالبا ما تنتهي هذه الألعاب بالمشاجرة العنيفة، حتى البيت يضيف خالد، يتحول إلى ساحة معركة• ويتراوح أسعار المفرقعات ما بين 3 دينار و3000 دينار قد تصل في بعض المناطق بالعاصمة إلى 500 و600 دج، خاصة في أحياء جامع اليهود المشهورين، باب الواد وبلوزداد، و هي شبيهة بالأسلحة منها على شكل قنابل بمختلف الأحجام، مدرعات، رصاص، صواريخ سكود، قنابل يدوية، وهناك براكين أو "الفولكون" صغيرة وكبيرة الحجم، حسب البائع بوعلام الذي أكد أن "الأطفال هم الأكثر اقتناء، لا يشتري الأطفال بالوحدات بل بالمجموعات"• المدارس لم تسلم من الظاهرة عبرت لنا التلميذة إيمان في متوسطة بالعاصمة، أن الأولاد هم الأكثر تفجيرا للمفرقعات التي بدأت استعمالاتها قبل حوالي شهر، وأفادت أن الأقسام لا تخلو من الظاهرة، فلا تمر بضع ثواني حتى تسمع فيها صوتا آخرا للتفجير، وأعربت صديقاتها أن المفرقعات تدخل الأقسام التربوية عبر الأروقة، كما يفضل الأولاد رميها في الساحات لإثارة الفزع بين الحشود خاصة الفتيات منهم، وهنا تكمن الخطورة.. فلا يدرك قاذفها المكان الذي ستنفجر فيه، فقد يصيب مكانا سريع الالتهاب، كما قد يصيب أعضاء حساسة في الجسم كالوجه والعين مثلا• الظاهرة تتسبب في أخطار جسيمة على الأشخاص والممتلكات وتفيد مصلحة الحماية المدنية أن استعمال الألعاب النارية والمفرقعات يتسبب في أخطار جسيمة، حسبما أفاد به الملازم المكلف بالإعلام، برناوي نسيم، فقد سجلت الحماية المدنية في فترة المولد النبوي الشريف من العام المنصرم تسجيل 29 تدخلا على مستوى الجزائر العاصمة فقط، تم على إثرها جرح 15 شخصا، من بينهم امرأة تبلغ من العمر 31 سنة أصيبت بجروح على مستوى رجلها بحي حسيبة بن بوعلي بالعاصمة تم إسعافها إلى المستشفى، و14 جريحا آخرين بسبب انفجار غاز المدينة على مستوى مبنى عمارة بحي عبد الوهاب مسعود بالعاصمة وما أدى إلى نشوب حريق في المكان، والتهاب شرفة منزل بحي المقرية، هذا إضافة إلى الحرائق التي أخمدتها المصلحة في الأحراش والمزابل وفي سيارتين، وإخماد بداية حريق في العديد من الأحياء السكنية • وأحصت الحماية في سنة 2006 حوالي 18 حريقا منها 12 تدخلا على مستوى العاصمة فقط بسبب المفرقعات، أما في سنة 2007 فسجلت 17 حريقا قامت المصلحة بالتدخل لإطفاء 16 حريقا، أغلبها في الأحياء السكنية، وكانت الأسقف والشرفات والسلالم هي الأكثر تضررا•