تختلف مسألة الكفالة من بلد إلى آخر باعتبارها مسألة شائكة في مجتمعنا خاصة في وقتنا الحاضر، إلا أن القانون الجزائري قام بتحديد هذه القضية فهو يعتمد على تسمية " الكفالة" عوض "التبني" لأنها تخالف نصوص الشريعة الإسلامية.. فالحكم في مثل هذه القضية حرام، وهذا حتى لا يكون الاختلاط في الأنساب، و حتى لا يكثر الأبناء غير الشرعيون في بلد مسلم يتبع قواعد الشريعة الإسلامية. وبخصوص إجراءات الكفالة، أفاد الأستاذ مهدي عمر، محامي معتمد لدى المحكمة العليا، أن قضية الكفالة توجد فيها عدة تعقيدات وإجراءات قانونية يجب إتباعها واحترامها حفاظا على مستقبل الطفل وكذلك البيئة التي يعيش فيها، وأشار أن مسألة الكفالة تختلف عن مسألة التبني فهذه الأخيرة تعتبر حرام ومخالفة للشريعة الإسلامية. وحسب المحامي فإن هناك ثلاثة أنواع للكفالة، كفالة طفل من أبوين معروفين، وكفالة طفل قاصر من أم معروفة وأب مجهول، والأخير كفالة طفل قاصر من أبوين مجهولين. فعلى كل عائلة تريد القيام بعملية التكفل بطفل قاصر من أبوين مجهولين أن يقدم طلبا إلى المركز الموجود فيه الطفل سواء لدى مديرة الحضانة أو مركز التكفل الاجتماعي مرفوقة بشهادة عائلية، وكذلك شهادة إقامة كلا المتكفلين، بالإضافة إلى تقرير المساعدة الاجتماعية بعد قيامها بتحقيق حول الحياة اليومية للأشخاص الذين يريدون التكفل بطفل، وبعدما يكتمل الملف والموافقة عليه يقدم إما إلى رئيس المحكمة التابعة للاختصاص المحلي أو لدى موثق الذي يقوم بإصدار أمر بالتكفل. وأضاف المتحدث أن فيما يتعلق بكفالة طفل من أبوين معروفين، يمكن إعادة الطفل إلى أبويه عندما يصل إلى سن معين وهو 12 سنة من أجل رجوعه إلى أبويه الحقيقيين، ومن ثم إلغاء الكفالة لدى الجهات المختصة وهو أمر من رئيس المحكمة أو الموثق. وأكد المتحدث بالنسبة لعملية التكفل بطفل قاصر من أم معروفة وأب مجهول، أن نفس الإجراءات القانونية تطبق والتي تتم عن طريق وضع طلب إلى مديرة الحضانة أو مركز التكفل الاجتماعي التي تقوم بتحقيق، وبعد ذلك يقدم الملف إلى رئيس المحكمة المختصة، وحسب قول المحامي مهدي فإن"لابد من توفر شروط قانونية للعائلة التي تريد إعطاء اللقب للطفل المتكفل". وأضاف أن المشرع الجزائري قام بحصر هذه الشروط في منزل يأوي الطفل المتكفل به ومهنة يمكن من خلالها ضمان له عيشا هنيئا، وأن يكون الوالدان بصحة جيدة سواء العقلية أو الجسدية. ..وأطفال تم التكفل بهم لاستغلالهم في الدعارة أكد الأستاذ مهدي أن المحاكم والمجالس القضائية عالجت عدة قضايا كان ضحيتها أطفال قصر وبنات بالغات، تبين أن أباءهم مجهولون، وأن الأشخاص الذين تكفلوا استغلوهم وورطوهم في قضايا الآداب خاصة بمحلات ممارسة الدعارة أو الإغراء، فكانت النتيجة أنهم قاموا بالهروب من المنزل، أو أصبحوا متابعين قضائيا من طرف النيابة العامة على أساس الاعتداءات أوانتهاك العرض أوالفعل المخل بالحياء. ومن أمثلة ذلك يروي المحامي أنه تم إلقاء القبض على أشخاص في شقة بعين النعجة بالعاصمة متلبس بممارسة الدعارة، وتم اتهام الأم و بناتها الثلاثة بإنشاء محل للدعارة و الفسق، وتبين في التحقيق أن المتهمة الرئيسية "الأم" ليست أمهم الحقيقية بل تكفلت بهم ثم قامت باستغلالهم، فحكم عليها في محكمة حسين داي ب6 أشهر حبسا نافذة بالنسبة للأم، وعقوبات مع وقف التنفيذ بالنسبة للبنات الأخريات. وفي قضية أخرى وعلى إثر شكوى تم رفعها من طرف أم وابنتها ضد أبيها على أساس تعرض هذه الأخيرة للاعتداء من طرفه، تبين في التحقيق أن الفتاة تم التكفل بها عن طريق أمر صادر من محكمة حسين داي. وعلى ذلك الأساس تم إلغاء عقد الكفالة وإحالة المتهم "الأب" على محكمة الجنايات ومن ثم معاقبته ب4 سنوات سجنا نافذة.