إن الرواية إنسانية تخلقت في محاضن غربية على المستويين : الشكلي والمعرفي؛ نتجت معه ردّة فعل على مستوى المحتوي تدعو إلى ضرورة تخليص الرواية من الارتهان إلى قانون الغلبة، ومع أن العرب عرفوا فنونا للقول إلا أنها لم تستوعب شروط الكتابة الروائية المعاصرة ذلك أن مصبات الرواية العربية المعاصرة لادينية، نتج عنه استنهاض لقيمة الفن إسلاميا لذلك كانت أسلمة الرواية. والأسلمة كما يقول علي حرب :"هي ردة فعل على التفوق المعرفي الغربي، لعقلية الدعوة و النضال في بعدي الفهم والمعرفة"، بمعني أن هناك منظومة معرفية للحكي تخص المسلمين تنقل حال المتخاطبين الاجتماعيين من طور الفعل إلى طور النص، تحقق فيه مبدأ اللذة لا بناء على مقاسات الشهوة الغربية بل على مقاسات التطهير من وجهة إسلامية . وهنا يقول عبد الوهاب المسيري :" إن مشروع أسلمة المعرفي (بما فيه الرواية) يبدأ كمشروع أنسنة المعرفة أي استعادة الفاعل الإنساني كمقولة مادية وروحية لا يمكن ردها إطلاقا إلى عالم المادة ويعتبر الإنسان ككائن روحي مادي وكظاهرة غير طبيعية وغير مادية ويشير في النهاية إلى ما وراء الطبيعة إلى الله سبحانه و تعالي" إذا، أسلمة الرواية هي دعوة تميل إلى استنبات قيم الإسلام حكيا من خلال الأجناس الأدبية المختلفة وهي دعوة ولدها ظرف خاص متعلق أساسا بحالة الصحوة الإسلامية كفهوم إجرائي يدعو إلى تخليق الجنس الأدبي و توليفه توليفا إسلاميا وهي دعوة موضوعاتية تهدف إلى إسقاط النظرة الإسلامية للفن الذي يجب أن يكون صادقا . وقديما قيل "إن أعذب الشعر أكذبه" فمعنى أن جمالية الشعر تتحقق لا في الكذب كقيمة شرعية نهى عنها الاسلام، بل في الكذب كقيمة فنية بل لنقل كما قال الفلاسفة الإسلاميين الفن متعلق ب"المغلط" المتضمن لدلالة الجمالي الذي يحيل عليه، من حيث هو محاكاة من درجة الترميم العام للواقع بمعنى الانحراف و العدول عن الواقع كما يجب أن يكون، إذا الإشكالية كم يقول ايكو كامنة في تجميل القبيح وهو نموذج الفن بشكل عام. أما نموذج الإسلام فهو في نموذج الصدق الناتج عن إسقاط طبيعي لمقولة الصدق كدلالة شرعية حافة . ومن هذا المنظور تكونت الرؤية الفنية للفن، وفي المقابل تكونت الرؤية الإسلامية مع الطروحات التي قدمها السيّد قطب عن ما أسماه بالأدب الإسلامي، و يعتبر "نجيب الكيلاني" من أهم رواد الكتابة الإسلامية للرواية وله روايتين هما :" مقتل حمزة " و"اليوم الموعود " وهي استجابة عامة لحاجة التجديد والتأصيل للجنس الأدبي ولكنها لبست لبوسا سياسيا و هو الرداء الذي دثر الدعوة إلى أسلمة الرواية، وهي دعوة كانت وليدة الحاجة الحضارية للنص الإسلامي الذي مصبه ديني في مقابل النص اللاديني، و كأن الدعوة الدينية تمارس نوعا إلى استتابة الجنس الأدبي، وهي ردة فعل لحالة التدين العام التي عرفها المجتمع العربي فالخطاب الديني بشكل عام يبحث عن وجودي تبريري في الاقتصاد و المجتمع و الفن . ولعل الرواية الإسلامية مرتبطة وبالجانب التاريخي للشخصيات والأحداث الإسلامية، و هي تعمل على استحضار الموروث الإسلامي من قبيل المحافظة على الشخصية الإسلامية، وهي دعوة في عموما ما تزال تتلمس طريقها بحاجة إلى كثير من العناية والاهتمام .