لفت انتباهي، أمس، ما قاله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في خطابه بمناسبة أدائه اليمين الدستورية، حول قطاع الإعلام والدور الهام الذي تلعبه الصحافة في محاربة ظاهرة الفساد المستشري في البلاد، حيث قال بوتفليقة إن حرية الصحافة التي هي جزء أساسي من مشروعنا الديمقراطي ستحظى بالاحترام التام، بحيث تبقى الدولة حريصة على تسهيل ممارسة وتطور المهنة أكثر فأكثر وعلى كافة الأصعدة، خاصة وأن الساحة الإعلامية على نشاطها تعرف فوضى غير مسبوقة، وبالتالي قد لا تخدم التوجه الذي يريده رئيس الجمهورية في هذه العهدة التي يقول أنه سيعزز بها التلاحم الاجتماعي ويقوي بها الاقتصاد الوطني• إذ كيف يمكن للرئيس أن يستعين في محاربة الفساد بصحافة استشرى فيها الفساد، وصارت الكثير من أقلامها المأجورة في خدمة من يدفع أكثر؟! كيف له أن يحارب بارونات المخدرات والتهريب والغش، ويكشف عن مواطن الضعف في جهاز العدالة والإدارة وسوء التسيير للشأن العام، والكثير من الدخلاء على الصحافة يرفعون أقلامهم كما كان الإرهابيون يرفعون أسلحتهم في وجوه المواطنين لتجريدهم من ممتلكاتهم ويجبرونهم على دفع الجزية؟! كم هي الصحف التي أنشئت بالمال المشبوه، أو من قبل رجال أعمال يستغلون النفوذ والقرب من دواليب السلطة للحصول على الصفقات العمومية في كبريات المشاريع التي تعرفها البلاد• كم من مرة نقرأ على صدر الصفحات الأولى من الصحافة الصفراء أخبار عن مستثمرين عرب أو جزائريين، ثم نفاجأ في الغد بتكذيب لها في نفس المكان وبنفس البنط والحجم، لأن صاحب المقال قد أخذ من المعني ما أراد بقوة القلم وبالمساومة ما أراد من مال أو إعلانات• كيف للرئيس أن يعتمد على مثل هذه الصحف وفيها ما فيها من تشهير وأكاذيب على الناس؟! ولأننا لا يمكننا أن نتخلى عن الصحف الإيجابية والأقلام البنّاءة، لأن للصحافة دورها الديمقراطي والحضاري الذي يجب أن تلعبه، فإن الرئيس مجبر في عهدته هذه على مساعدة أهل المهنة على تنقية صفوفهم، وتزويدنا بآليات لضبطها، وبقوانين تجبر الصحافة على الالتزام بأخلاقيات المهنة، مثلما هو شأن باقي المهن، لا يقبل بأن تحيد عنها••• على الرئيس إعطاء أهل المهنة الحقيقيين الوسائل لضبطها، حتى لا تبقى الصحافة مهنة من لا مهنة له، ولن يسمح بالاستثمار في هذه المهنة لمن يطلق عليهم مصطلح ''بقارة'' الإعلام، وكم هم كثر في السنوات الأخيرة، وإنه إن لم يفعل، فإن سعيه لتطهير البلاد من الفساد سيبقى مجرد أمنيات ونوايا حسنة لا أكثر•