المار في جانب الخيمة يجد زرابي القعدات منتشرة في اتجاه الشاطئ بطريقة منظمة وجذابة، تسحر المار من هناك ويزيده الفضول في قعدة مع الشاي والكاوكاو خاصة وأن القعدة عربية وتصنع التمايز للزوار إضافة إلى الرنفيلة أو الشيشة• إقبال كبير على القعدة العروبية أخذنا الفضول مع نهاية الأسبوع رفقة مرافقي حميد للإطلاع على طقوس الصحراء عند ''لزرف'' الورقلي ومعرفة مدى الإقبال الذي يشهده المكان الذي أصبح يلهم عشاق الكلمة وكذا الإطارات ورجال الأعمال• وبمجرد وصولنا وقفنا وسط تلك المساحة الرملية المقابلة للخيمة حيث كانت جل الزرابي المدعمة بطاولات دائرية صغيرة والوسادات المختلفة الأحجام والألوان، تكتظ بها العائلات والشباب ولاحظنا جناحا خاصا بالعائلات لضمان الراحة والأمان، وبعدها لمحنا الرجل ''الأزرق'' ببذلته الزرقاء قدم مسرعا إلينا ورحّب بنا وطلب من أحد العاملين معه الحرص على راحتنا وتقديم طلبتانا ثم انصرف مسرعا إلى عائلة أخرى كانت تبحث عن مكان في جناح العائلات• وبعد تقديم النادل الشاب ''عبد الرزاق'' لصينية الشاي الصحراوي و''البراد'' والكاوكاو في لوحة تقليدية طلبنا منه مناداة ''لزرف'' ليحضر على التو، وبدأنا الدردشة دون إخطاره بمهمتنا أو مهنتنا• أخذ يتحدث بإسهاب وبعفوية عن حياته وكيفية وصوله إلى جيجل، حيث أشار بأنه حرفي من بلدية العليا ولاية ورفلة بدأ حياته المهنية في تربية الإبل قبل أن ينتقل للخيمة والشاي والتنقل موسميا من ولاية لأخرى، وأوضح بأنه يعشق عاصمة الكورنيش كثيرا، لاسيما وأن السلطات المحلية تمده بيد المساعدة فيما يخص التصريح بنصب الخيمة وممارسة تجارة بيع الشاي، الذي يحضره بطريقة مميزة حيث يكون مذاقه لذيذا جدا على ''الجمر'' وتدوم مدة تحضير 10 لترات مثلا على الجمر ساعة واحدة• ويشير عمير ''خمري جموعي'' المشهور بالشاطئ باسم ''لزرف'' بأن إطارات سامية في الولاية تحضر إلى خيمته لقضاء لحظات جميلة وصافية في قعدة عربية وبذكريات تبقى راسخة للأبد• وعن الجمل الذي وجدناه مربوطا بجانب الخيمة فقد أوضح ''لزرف'' بأنه من النوع ''المهري'' المستعمل للسباقات وأعطى اسم ''دفدوف'' وبجانبه ناقة أخرى غاية في الجمال أعطيت اسم ''سارة''، ولمحنا مجموعة من الأطفال في غاية البهجة والسرور وهم يمتطون الجمل لأخذ صور تذكارية من طرف المصورة ''مليكة'' التابعة لطاقم عمي ''لزرف'' في حين كان الشابان فاتح خمري ومسعود بكاري أمام الخيمة يصبان الشاي في البردات في حين يقوم كل من عبد الرزاق وعز الدين وصدام بالسهر على طلبات الزبائن وكلهم حركية وديناميكية وهذا على أنغام الفناوي تارة وتارة أخرى على أنغام العلة، عثمان بالي وغيرهم• ونحن نتحدث مع عمي لزرف عن مشواره مع الخيمة وكيفية حصوله على الترخيص وأمثلة أخرى، بدأ يحترس منا وبدأت علامات الخوف على وجهه، بعدها عرّفناه بأنفسنا حتى يكون على راحته ويحاكينا بصدر مفتوح، فسرّ لوجودنا وأوضح بأنه ينصب مع بداية الأسبوع خيمة أخرى بحظيرة الحيوانات بكسير بالعنوانة لفائدة الزوار إضافة إلى ناقة تكون الفرصة سانحة لأطفال الشمال لأخذ صور تذكارية رائعة مع لوحة فنية من الصحراء وعند الخيم، فقد أشار بأنه يقوم بنسجها، فمثلا الخيمة المنصوبة بالشاطئ قتامة والتي تتسع لحوالي 20 شخصا وتضم 06 قطعات أو ''فلجة'' فإنه يستغرق فيها مدة بين 05 أو 07 أشهر• كما يقوم طاقم ''لزرف'' ببيع مختلف الألبسة التقليدية• الأطفال ومتعة جمل المهري •• والنساء يلبسن زي التوارق اللباس المسمى ''البازار'' بألوانه الخضراء، الزرقاء، الصفراء وغيرها يباع بأسعار تتراوح بين 8000 و36000 دج ، في حين الشاش يباع بين 80 و150 دج، في حين الشاش الرسمي الذي يلبسه سكان تمنراست والتوارق فإنه يفوق 5,2 مليون سنتيم• وتقوم المصورة مليكة بإلباس النساء والفتيات المترددات على الخيمة الألبسة التقليدية للمرأة التارقية ولأخذ صورة وهن ممتطيات ظهر الجمل وأمام الخيمة، حيث وجدنا ''سعاد'' رفقة عريسها ''محمد'' القادمين من عنابة في غبطة وسرور بمعايشة هاته الطقوس في فترة شهر العسل• من جهة أخرى لمحنا الطفل ''مخلوف'' يرقص على أنغام الفناوي'' ومجموعة من العائلات تزيده حماسا بتصفيقاتهم، أما طيبوش صالح فقد وجدناه رفقة ابنه، ولي العهد، سيد علي وبناته روميسة، منال وعبير، في حلقة دائرية على زربية تقليدية يتناولون الشاي والكاكاو، والأولاد يلعبون في بهجة وسرور، في حين هناك بعض الزوار يطلبون الرنفيلة أو الشيشة التي تدخل لأول مرة للولاية وهي عبارة عن تجفيف لفواكه الفراز، التفاح، وكذا النعناع، وشيح البلد، والتي تدوم لمدة نصف ساعة بسعر 100 دج، أما القعدة العروبية لأربعة أشخاص فهي ب 100 دج، ويقول لزرف بأن إن هدفه ليس تجاريا محضا وإنما إسعاد الآخرين وإدخال الفرحة ورسم الابتسامة على وجوه البراءة وكل العائلات الجزائرية وحتى المغتربة التي تزوره• حركية إلى ساعات متأخرة من الليل على كل، فإن خيمة عمي ''لزرف'' تشهد إقبالا كبيرا للعائلات وكذا مختلف الفئات الأخرى، بحيث يصعب إيجاد مكان بها أو أمامها بعد غروب الشمس، كما أن الحركية تبقى متواصلة بذلك المكان من الخيمة وإلى غاية مياه البحر، ليجد بذلك الزائر لعاصمة الكرونيش تمايزا آخر بشاطئ كتامة، الوجهة الأولى للزوار والذي ينام إضافة إلى مختلف النشاطات الترفيهية والثقافية الأخرى التي سطرتها مديرية الثقافة•