لا توفر بوحنيفية من الخدمات سوى مياه حماماتها المعدنية، والتي من المفروض أن تتحول إلى ''محور'' نشاط سياحي متنوع، بالنظر إلى الكنوز الطبيعية والتاريخية المتوفرة في المنطقة• وتقتصر السياحة في منطقة بوحنيفية على الانضمام إلى طابور من طوابير أحد حماماتها المعدنية، انتظار الدور، الاستحمام وبعدها التوجه نحو أحد المحلات التي تعرض الدجاج المشوي، تناول وجبة، ثم النزول إلى محطة الحافلات أوالحظيرة التي ركنت فيها العائلة سيارتها والعودة إلى بيتها• لكن قبل الوصول إلى بوحنيفية وكذلك عند مغادرتها، يواجه ''المستحمون'' مشاق طريق حولته شاحنات نقل الحصى إلى حقل محروث من كثرة الحفر• فمنذ أن ينحرف السياح يمينا في بلدية حاسين (ديبلينو) يجتهد سائق السيارة أوالحافلة في تحاشي الحفر والمركبات القادمة في الاتجاه المعاكس، التي يجتهد سواقها هم الآخرون لعدم السقوط في الحفر أيضا• وبدل أن يصل الذي يقصد مدينة بوحنيفية عبر هذا الطريق في 20 دقيقة، تستغرق الرحلة وقتا أطول• ولا يمكن لعابريها أن يتمتعوا بالمناظر الطبيعية الخلابة من شدة الخوف من وقوع حادث مرور• وعند الوصول إلى بوحنيفية، يستقبلك عمران لا يدل أن المدينة سياحية، فبناياتها لا تختلف عن أية منطقة غزاها البناء الفوضوي في أية مدينة من المدن الجزائرية• وباستثناء المحطة المعدنية لحمام بوحنيفية المبنية بطريقة فنية موريسكية، فإن بقية الحمامات التابعة للقطاع الخاص مجرد بنايات مكعبة• أما الفنادق فهي أيضا بنايات ذات طوابق متعددة دون روح، يفرقها عن بقية بنايات المدينة أجهزة التكييف المثبتة في الشرفات وباستثناء الديكور المثبت في الجهة اليسرى من الطريق الرئيسي للمدينة، والمتشكل من جرات تسيل منها المياه، فإن لا شيء آخر يمكن لزوار هذه المدينة أن يخلّدوا عبورهم فيها عن طريق التقاط صور تذكارية أمامه• وحتى الوادي الذي يعبر المدينة والذي لا تجف مياهه حتى في الصيف وتتوزع على حوافه مقاهٍ، صار مصدر إزعاج، بفعل قطعان الأبقار التي ترعى فيه وطغيان اللون الأخضر على عمقه، وكذلك تناثر الأكياس البلاستيكية وبقايا المأكولات في المواقع التي تختارها العائلات للغذاء• ولا تملك العائلات التي تزور بوحنيفية للاستحمام أدوات الحمام من مناشف وصابون وغيرها• وتوجد في الضفة اليمنى للوادي حديقة حيوانات في بابها قرد ماكاك مربوط بسلسلة حديدية، مظهره لا يستهوي الناس للنزهة فيها، كما تتقزز العائلات من مظاهر اجتماعية أخرى مشينة لبائعات الهوى اللائي يصطدن الزبائن دون حياء• ومع كل هذا تتميز مدينة بوحنيفية بكونها تستقبل الزوار على مدار السنة، والذين يقصدون حماماتها المشهورة بخاصياتها العلاجية• ويملك عدد من الوزارات منتجعات خاصة في هذه المدينة، مثل المجاهدين، البريد والمواصلات وغيرها• ورغم كل ما يمكن أن تجنيه من هؤلاء الزوار الدائمين، فإنه لا توجد في بوحنيفية مظاهر تدل على أنها مدينة ميسورة، فطرقاتها محفرة مثل كل طرق المدن الجزائرية، مياهها المستعملة تسيل في الوادي الذي يصب في سد فرقوق، أرصفتها ''مخوصصة'' من طرف أصحاب الهراوات الذين يطبقون تسعيرات مرتفعة لا تقل عن 50 دينارا• ورغم كل ذلك فإنها تستقطب الزوار على مدار السنة •