ابن سلامان بن ربيعة الجمحي أسلم قبل خيبر وشهدها مع الرسول صلى الله عليه وسلم• عينه عمر بن الخطاب أميرًا على حمص، فشكاه سكانها لأربعة أسباب، ليس فيها سبب إلا وله فيها حجة•• فكان هذا الحوار بين الرعية وأمير المؤمنين عند زيارته دون خوف ولا تصنع، فعن خالد بن معدان قال: فلما قدم عمر حمص قال: يا أهل حمص كيف وجدتم عاملكم؟ فشكوه إليه، وكان يقال لأهل حمص الكويفة الصغرى، لشكايتهم العمال، قالوا: نشكوا أربعا: لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهار (يأتي متأخرا مثل بعض مسؤولينا إلى عملهم) قال: أعظم بها - أي أمر عظيم يفعله في تأخره - قال: وماذا؟ قالوا: لا يجيب أحدا بليل (فوقت العمل للعمل والليل لقضاء المصالح والحاجات) قال: وعظيمة ( أي مصيبة أكبر من الأولى)، وماذا؟ قالوا: له يوم في الشهر لا يخرج فيه إلينا ( لا بد أنه يحتاج إلى عطلة فنحن لنا يومين في الأسبوع)، قال: عظيمة ( أي أنها أعظم من سابقتيها)، قال: وماذا؟ قالوا: يغنط الغنطة بين الأيام أي تأحذه موتة ( في لغة عصرنا يصرع فهو مريض وذاك ينافي شروط الحكم)• قال فجمع عمر بينهم وبينه وقال: اللهم لا تخيب رأيي فيه اليوم، ما تشتكون منه قالوا لا يخرج حتى يتعالى النهار، قال: والله إن كنت لأكره ذكره، إنه ليس لأهلي خادم، فأعجن عجينهم، ثم أجلس حتى يختمر، ثم أخبز خبزي ثم أتوضأ ثم أخرج إليهم • فقال ما تشكون منه؟ قالوا لا يجيب أحدا بليل، قال: ما يقولون؟ قال: إن كنت لأكره ذكره، إني جعلت النهار لهم وجعلت الليل لله عز وجل، قال وما تشكون منه قالوا: إن له يوما في الشهر لا يخرج إلينا فيه، قال: ما يقولون؟ قال: ليس لي خادم يغسل ثيابي، ولا لي ثياب أبدلها، فأجلس حتى تجف، ثم أدلكها، ثم أخرج إليهم من آخر النهار، قال : ما تشكون منه ؟ قالوا يغنط الغنطة بين الأيام، قال: ما يقولون؟ قال: شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة، وقد بضَّعت قريش لحمه، ثم حملوه على جذع فقالوا: أتحب أن يكون محمدًا مكانك؟ فقال والله ما أحب أني في أهلي وولدي ومحمدًا يشاك بشوكة، ثم نادى: يا محمد، فما ذكرت ذلك اليوم، وترْكي نصرته في تلك الحال، وأنا مشرك لا أؤمن بالله العظيم إلا ظننت أن الله عزّ وجل لا يغفر لي بذلك الذنب أبدًا فتصيبني تلك الغَنْطة، فقال عمر الحمد لله الذي لم يُفيل فراستي، فبعث إليه بألف دينار، وقال استعن بها على حاجتك ••• فهل استعان بالألف دينار كما قال له أمير المؤمنين كلا والله إن في أمره عجب• الأستاذ: علي علية· الجزائر العاصمة