على صعيد هذه النخب والأحزاب التي تغيّرت، تقول لنا التجربة والخبرة (قيادات أحزاب استبدلت مواقعها ولم تبقى عقولها على أكتافها)•. إن من الخطأ ربط كونك مثقف بكونك يسارياً، فكونك مثقفاً ليس ضماناً للديمقراطية الإنسانية، وعلى سبيل المثال فإن العمال والشرائح الكادحة التي انضوت تحت لواء تنظيم نقابي اجتماعي، هم عضوياً يمتلكون تجربة أكبر بكثير من كثير من المثقفين، انظروا إلى حركات الإضراب الكبرى العمالية في مصر والمغرب والجزائر وأقطار عربية أخرى، تقدمت على الأحزاب وتجاوزتها خلف ظهرها، تقدمت واستبقت إضرابات المثقفين وقطاعات الطبقة الوسطى من القضاة، الأطباء، أساتذة الجامعات•• فضلاً عن أن قوتهم مستخدمة• وتؤكد نظرتنا هذه حركة الشعوب في أمريكا اللاتينية، والتي تعتبرها واشنطن حديقتها الخلفية، فنهوض حركات اليسار أخذ يدق لتاريخ جديد، في البرازيل دي لولا، وفنزويلا أوغو تشافيز، وبوليفيا ايفو موراليس، الإكوادور رفائيل كورِّيا، نيكارغوا من جديد، والأرجنتين وأورغواي وباراغواي قسيس العاصمة ابن لاهوت التحرير اليساري، السلفادور بفوز جبهة فارابندو مارتي اليسارية الماركسية وفوز رئيسها ماوريسيو فونيس بانتخابات ''نزيهة جداً'' على حد تعبير الناطق بلسان الخارجية الأمريكية، الأرجنتين وتشيلي (يسار الوسط)، وجوارهم صمود كوبا الثورة اليسارية الجذرية المحاصرة تاريخياً، والتي بدأت أمريكا اللاتينية تدك الحصار من حولها، والآن ألغى الاتحاد الأوروبي عقوبات التجويع عليها وعقد اتفاق تعاون جديد 2008 معها، بعد ''انحناء'' طويل لضغوط الإدارة الأمريكية، والأمم المتحدة بأغلبية دول العالم في الجمعية العامة أدانت الحصار الأمريكي على كوبا، وطالبت بفكه (دورة الجمعية العامة تشرين أول/ أكتوبر 2008)، وباراك أوباما الرئيس الأمريكي المنتخب بأغلبية كاسحة وعد في برنامجه الانتخابي بفتح الحوار مع القيادة الكوبية، وأعلن عشية، وفي قمة الأمريكيتين (نيسان/أبريل 2009) ''أن السياسة الأمريكية في حصار كوبا فشلت'' كما اتخذ الكونغرس الأمريكي خطوة صغيرة بتخفيف الحصار• والادعاء أن الانتخابات وحدها هي الديمقراطية لا ينصفه التاريخ في القرن العشرين وحتى يومنا، فهتلر والنازية، موسوليني والفاشية، بيغن وشارون وأولمرت ونتنياهو رواد إرهاب الدولة المنظم (وغزو لبنان واحتلال العاصمة بيروت، وحرب السور الواقي على الضفة الفلسطينية وإعادة احتلال مناطق السلطة الفلسطينية، وحرب عدوان ''الرصاص المصهور'' على قطاع غزة بما فيه صيحات حقوقية دولية تشير إلى ارتكاب المعتدين جرائم حرب ضد المدنيين)، والتوسع الاستعماري الاستيطاني الإسرائيلي في الأرض الفلسطينية وحروب العدوان على لبنان تموز/آب ,2006 صعدوا إلى السلطة بالانتخابات• لا نريد هنا الإشارة إلى ''المسرحيات'' الانتخابية وأدوار التلاعب بالقوانين الانتخابية اللاديمقراطية، الدوائر الانتخابية، التربيطات الانتخابية المسبقة، القبلية، العشائرية، التخلف الثقافي، المال السياسي الانتخابي والإعلامي الفئوي والإقليمي والدولي، ونهب المال العام في فلسطينالمحتلة، وفي كثير من الأقطار العربية وبلدان العالم الثالث؛ التي تحتضن وتفاخر بها الإدارة الأمريكية•