هل هي مهمة، الصور الفوتوغرافية للكُتاب، كما هي مهمة عند الممثلين المشاهير••؟؟ الشعراء والروائيون عندنا هل يعتبرون أنفسهم نجوماً أيضا ويدفعون في حق وجوههم - كي تصير الطلّة مقبولة قليلاً - ثمناً مرتفعاً لدى فوتوغراف متخصص يشكل لهم بورتري فني يترجمون فيه روحهم في سطر صورة يختصر سطور الورق؟ وهل يدركون أهمية ذلك، وسط عالم يحكمه الإعلام وينصف فيه فقط، من يجيد قواعد الماركتينغ ولعبة دراسة السوق - من جانبه الأدبي والجمالي- كي يفتك التميز؟؟ عندما كانت أيام المكتبة الوطنية تلّون عتمة نشاطاتنا الثقافية استضافت الشاعرة والإعلامية جمانة حداد؛ حيث وزعت هذه المتميزة مِّهٌُفُّفك صور جميل جداً يضم صورا فوتوغرافية على شكل مٌفَُُِّّ مُّْفك في وجهها الأول قصيدة، وفي وجهها الثاني صورة لها•• الصور ضمت تشكيلة من الأحاسيس فكانت هناك صورة تترجم خطواتها وهي طفلة•• وأخرى تقبض على شرودها وهي عاشقة، وأخرى وهي متمردة، وحتى وهي شيطانة!! ولا تعتبر جمانة حداد ذلك جهداً منها وإنما برنامج عمل متكامل يضمن لها تواجدا إعلاميا قد تكون نجحت فيه إلى حد ما•• وقد يرد البعض على برنامج جمانة حداد، بالمبالغة وبالبهرجة الإعلانية، لأن الكاتب أسمى من كل هذه الحكايات وصورته الحقيقية داخل إبداعاته•• ولكنه عصر الصورة بامتياز، والصورة والإعلام خطاب موازي لا يقل أهمية عن الإبداع نفسه• لنتفق إذن، إن القرية الصغيرة في عالم التكنولوجيات الحديثة، أصبحت تعرف وجوهنا جميعاً ولا مفر من صورة جميلة تبرز كرزمة الكاتب وروحه الإبداعية•• وإذا لم نتفق فما هي الموانع؟؟ كن جميلا ترى الصورة جميلة يثبت شعر أنشتاين الأشعث أن المفكر كائن بعيد عن الجمال، وهذا قدر صحيح إلى حد ما، فليست هناك خطوط جمال واضحة لدى نوال السعداوي ولا نجيب محفوظ ولا حتى عند سيمون دي بوفوار ولا إيزابيل اللندي•• وقد يكون هذا سبب وجيه لعزوف هؤلاء عن الصورة•• وربما ذات المنطق يتواصل عندنا فعدد من كتابنا لا يحبون التقاط صور لهم خوفاً من صورة رديئة تحتفظ بها ذاكرة القارئ وتقصف خيالهم الجميل•• على الرغم من أن ''الفوتوشوب'' كفيل بحل المسألة•• ياسمينة صالح؛ مثلا ليس لذاكرتنا لها صورة على الرغم من شعبيتها على الأنترنت، بل وهناك صور منتحلة لها•• المانع الثاني، عدا الحقيقة البيولوجية، هي الشيخوخة•• فنجد بعض الكتاب يصرون على صورة واحدة بالأبيض والأسود من زمن النضالات والبيريات•• من دون اكتراث لعامل الزمن الذي يبدّل الوجوه كما الإبداع، ولعل هذه الفئة غالبا ما تكون نافذة أو بعبارة أخرى تحمل صورة نمطية لإيديولوجية معينة ترفض أن تتنازل عنها لحساب صورة جديدة•• الحياة البوهيمية وعدم الاكتراث، قد يلخصان المانع الثالث في العزوف عن التقاط الصور•• فهناك كتّاب بالفعل لا يلتفتون لهذه الأمور لأنهم منشغلون عن ذلك بعدّ النجوم•• غير أن هذه الفئة يستحيل أن نقيس عليها في الجزائر على الرغم من وجود بوهيمية ولكنها بلمسة جزائرية، تختلف تماماً عن العرف المتفق عليه في تشخيص البوهميين، حيث أنها عندنا شكل من أشكال المصادفة•• يحدث عندنا أن يصير المعلم مثلا كاتباً لظروف احتفالية موسمية لا بد أن تملأ، أو محامياً يترافع في عهدة رئاسية•• وكل من يجيد اللغة العربية هو بالضرورة مرشح بوهيمي، كي يصبح عندنا في تعداد الكتّاب والشعراء• والذين سوف لا يتقنون اللعبة بالضرورة•