الحملة السياسية والإعلامية التي قادها أنصار الحزب الشعبي السويسري المعادل لحزب الجبهة الوطنية الفرنسي في السنوات الأخيرة وخاصة منذ انتصارهم في الانتخابات التشريعية الاخيرة، كللت أمس بنجاح منتظر، وخلافا لتعاليق معظم الصحف السويسرية، فإن نتيجة الاستفتاء كانت متوقعة بغض النظر عن نسبتها• الدكتور عبد الحليم دويبي الأخصائي في الأمراض العقلية والمقيم في جنيف منذ 5 أعوام واحد من أفراد الجالية الجزائرية التي عبرت في أكثر من مناسبة عن قلقها حيال تنامي العداء حيال المسلمين في سويسرا، باسم محاربة التطرف الإسلامي الذي أصبح مادة إعلامية دورية ومنتظمة منذ هجمات الحادي عشر سبتمبر• الدكتور دويبي تحدث ل''الفجر'' وقال إن النتيجة كانت متوقعة، والحزب الذي فاز بمعركة منع المنارات هو نفسه الحزب الذي ملأ شوارع جنيف العام الماضي بصور وملصقات الكبش السويسري الأبيض الذي ظهر ''يصك'' الكبش الأسود، في إشارة إلى طرد المهاجرين الأجانب، والحملة العدائية التي قادها الحزب السويسري العنصري - استطرد الدكتور دويبي يقول - تعمقت هذه المرة برسومات لا تقل حقدا مقارنة مع الرسومات الدانماركية المسيئة للرسول صلى عليه وسلم، وما رسم منارات المساجد في شكل صواريخ إلى جانب امرأة محجبة إلا خطوة إضافية في مسار الخلط بين أغلبية المسلمين الذين يعيشون في وئام تام مع السويسريين وصورة الاقليات المعروفة بتطرفها في الديانات الأخرى• في باريس لم تتأخر الجالية المسلمة في التعبير عن تخوفها من امتداد النموذج السويسري إلى فرنسا، وتحقق الإجماع المنتظر من السلطات السياسية أو من المسؤولين الدينيين حيال الخلط السافر بين الإسلام كدين متسامح، وبين ممارسته الشاذة غير المعبرة على هلع يوظف سياسويا• الدكتور دليل بوبكر عميد مسجد باريس، كان من الأوائل الذين عبروا عن استيائهم من نتيجة الاستفتاء السويسري المخيب للآمال، وحسب بوبكر فإن هذه النتيجة تؤكد صحة الإسلاموفوبيا الزاحفة في أوروبا بسبب الجهل والأفكار المسبقة والإعلام المغرض، و''المنارات لا تشكل رمزا سياسيا غازيا كما صوره الحزب السويسري الشعبوي، ولا يختلف في مفهومه الهندسي عن جرس الكنيسة ورموز المعمار الدينية الأخرى، كما أن نتيجة الاستفتاء ما هي إلا صورة جديدة تؤكد الخلط بين المسلمين والإسلاميين المتعصبين الذين يشكلون أقلية لا تمثل الجالية المسلمة''• فرنسوا كوبيه رئيس بلدية مو التي تقطنها جالية مسلمة كبيرة ورئيس الفوج البرلماني لحزب الأغلبية الشعبية الساركوزي كان أول من عبر عن تخوفه من تكريس التشويه المتعمد لدين نحرص على أن يعيش أتباعه في سلام وسكينة في إطار قوانين الجمهورية على حد تعبيره• خلافا لراي كوبيه، تلقفت الجبهة الوطنية رسالة حلفائها السويسريين، وعبرت عن موقفها المؤيد لنتيجة الاستفتاء على لسان مارين لوبان ابنة قائد والدها الذي ضيع سكينه في القصبة أثناء الثورة التحريرية حسب فلورنس بوجيه صحفية لوموند المتخصصة في الجزائر، وغير المرغوبة في تونس هذه الأيام بسبب تنديدها المستمر بالسلطة التونسية•