لا يزال هاجس أنفلونزا الخنازير يعصف بطمأنينة سكان الطارف وراحتهم، حتى أن بعض الاحتياطيات التي يستند إليها البعض أضحت لدى آخرين دليلا على وجود المرض في الجوار• المحلات المتخصصة في بيع مواد التنظيف نضبت من رفوفها المواد المخصصة للتنظيف والوقاية من أنفلونزا الخنازير، حيث أن صاحب محل لبيع مواد التجميل والتنظيف بالذرعان تحدث لنا عن الإقبال الكبير مؤخرا على الصابون السائل، إذ كشف لنا أن هذه السلعة غدت نادرة في السوق حتى أن مصنعها لم يستطع تلبية حاجيات السوق بالحجم المطلوب، فالجزائريون أصبحوا جد حذرين وخائفين من الإصابة بأنفلونزا الخنازير التي أصبحت مرادفة لمعنى الوفاة في ذهن أغلبهم، هذا ما أكده لنا جل من تحدثنا إليهم، فيما أضافت إحدى ربات البيوت، أن بضعة دنانير التي يتم صرفها على هذا المادة المطهرة يمكنها أن تقي من احتمال الإصابة بهذا الداء الخطير، وهذا في ظل انتشار موجة البرد التي أدت لإصابة العديد بالأنفلونزا العادية• قلة هذه المادة المطهرة أدى إلى ارتفاع سعرها في السوق السوداء بالنظر لإقبال المواطنين عليه وندرته، حيث قال صاحب طاولة لبيع مواد التنظيف بالقالة، إن هذه الموجة من البرد جعلته يشتري كميات من صابون اليد السائل بالإضافة إلى كميات من المناديل الورقية، والتي أضحى الجميع لا يتوانى في حملها معه خاصة خلال تواجدهم في الأماكن التي يكثر بها الزحام كالحافلات والأسواق، فالجميع يخافون الإصابة بالعدوى ويجهد في الحذر من الإصابة• بعض المشاهد التي لم يتعود المواطنون على رؤيتها جعلت من الجزائريين يتوجسون خوفا منها، وبالرغم من أن هذا الواقع هو في المحيط الشعبي إلا أن الصورة لم تكن بعيدة عنه وسط النخبة المثقفة وفي الجامعات على سبيل المثال، وهو حال إحدى الطالبات بالمركز الجامعي للطارف التي فضلت وضع الكمامة، وقالت إن حافلات نقل الطلبة مكتظة وكذلك الأمر في كل مكان نلجأ إليه بالجامعة وإمكانية الإصابة هنا بالأنفلونزا جد محتمل، لذلك أخذت احتياطاتي وقالت لنا بأنه على الرغم من فهم الطلبة للمرض وإمكانية الإصابة به وعلمهم بجدوى صنيعي إلا أن البعض تجرأ على التعليق وحتى التهكم على ما يشاهدونه مني• هذه الحالة غير المعتادة التي يعيشها سكان الطارف احتياطا من أنفلونزا الخنازير هذه الأيام، دفعهتهم إلى الحذر من كل شيء، فإذا لمحوا أي شخص يشتبه في إصابته جراء عرض من المرض كالعطس مثلا، فالمصافحة ليست متاحة للجميع والتقبيل والتسليم ممنوع إلى أجل غير مسمى، لأنه أحد أشكال انتقال المرض، وحتى القطع النقدية الورقية منها والحديدية غدت مدعاة للشك والريبة خوفا من أن تكون الباب نحو مصيبة المرض• ووسط هذا الوسواس لدى البعض يقابله البعض الآخر بنوع من السخرية واللامبالاة معتبرين أن المرض بعيدا عنه، كما يبدو عليه أنه غير مكترث لاحتمال الإصابة بالمرض إلى حد يجعله يتهاون في أبسط إجراءات الوقاية من الأنفلونزا•