يبدو أن الوعي بخطورة وباء فيروس "ايتش1 ان1" أو ما يسمى بأنفلونزا الخنازير بدأ ينتشر بشكل جدي وكبير وسط العائلات وخصوصا النساء اللواتي زاد إقبالهن على مواد التنظيف ذات التركيز العالي والمعقمات، بالإضافة إلى تجنب العديد منهن التواجد في أماكن ذات إقبال مكثف وخطيرة من حيث احتمال انتشار الأوبئة على غرار الحمامات التقليدية التي عرفت تراجعا محسوسا في إقبال الزبائن من النساء وحتى الرجال. وتشهد محلات بيع مواد التنظيف وكذا محلات بيع العطور ومواد التجميل نقصا ملحوظا في بعض المواد المعقمة والمنظفة على غرار ماء الجافيل ذو التركيز العالي والذي اختفى من السوق منذ نحو أسبوع وتحديدا منذ الإعلان عن أولى حالات الوفاة التي هزت العائلات الجزائرية التي تأكدت أخيرا أن الوباء خطير وبإمكانه أن يودي بحياة المصابين به في حال عدم الإبلاغ السريع والتكفل الجيد بالحالة المعلنة، كما أن اختفاء مواد التعقيم من الصيدليات ومحلات بيع مواد التجميل دليل على مدى الوعي الحاصل لدى العديد من فئات المجتمع وهو أيضا إحدى بوادر الخوف من الإصابة بالوباء. ومن خلال جولة قصيرة عبر مختلف نقاط البيع الخاصة بالمنظفات ومواد التجميل، تأكد لنا الإقبال الكبير للمواطنين وخصوصا النساء من ربات البيوت على اقتناء تركيبات وعلامات معينة من المواد المنظفة المعروفة بقوتها وفعاليتها في القضاء على الجراثيم والمكروبات بالرغم من أسعارها المرتفعة على غرار المنتجات الألمانية والتي تحمل علامة "هنكل" المعروفة بفعاليتها وتركيز مفعولها في القضاء على الجراثيم. ارتفاع في أسعار مواد التنظيف الطبية إلى جانب محلات بيع مواد التنظيف المنزلية وقلة عرضها بالأسواق، فإن محلات بيع مواد التجميل وحتى الصيدليات تعرف هي الأخرى ندرة في مواد التعقيم الصحية المصنوعة أساسا من مواد كحولية صيدلانية بالإضافة إلى ارتفاع محسوس في أسعارها وأسعار الصابون السائل والجاف المضاد للجراثيم على غرار سائل و"جال" "نتروجينا" الذي ارتفع سعره إلى الضعف وكذلك صابون "ليف بوي" و"ديتول" الذي انتقل سعر الصابونة الواحدة منه من 80 دج إلى أزيد من 150 دج. وأكدت معظم المحلات والصيدليات التي تحدثنا إليها أنها سجلت طلباتها لدى بائعي الجملة الذين ينتظرون قدوم الطلبات، علما أن مصانع الإنتاج المتخصصة قد سرّعت من وتيرة الإنتاج لتغطية الطلب المتزايد على عدد من المنتجات التي أثبتت فعاليتها في الحد والقضاء على سرعة انتشار الجراثيم والمكروبات وذلك بتأكيد المخابر الطبية العالمية، كما أنها لاقت تجاوبا وإقبالا من قبل الزبون الجزائري الذي أصبح مطالبا بأن يحتاط أكثر من اللازم خاصة أمام مثل هذه الحالات الطارئة. رجال ونساء يهجرون الحمامات الشعبية إلى إشعار آخر وموازاة مع رفع درجة التأهب والخطورة من الوباء إلى المستوى السادس، فإن مستواها لدى المواطنين وصل أقصاه بعد أن عرفت العديد من المرافق الشعبية كثيرة الإقبال من قبل المواطنين هجرة جماعية، خوفا من انتقال الوباء خاصة على مستوى الحمامات الشعبية التي تشهد خلال هذه الفترة من العام -الشتاء- توافدا كبيرا من النساء وحتى الرجال للاستحمام من جهة والتداوى من جهة أخرى هروبا من برد الحمامات المنزلية التي لا تفي بالغرض المطلوب، غير أن وعي عدد هام من فئات المجتمع خاصة النساء دفع بهم إلى تجنب الإقبال على هذه الأماكن التي تعد القبلة والوسط الحيوي لانتشار وترعرع جميع أشكال الجراثيم نظرا لتميز هذه الأماكن بدرجات حرارة تلائم انتشار الجراثيم وتخمرها. وقد لمسنا هذا العزوف على مستوى بلدية الحراش المعروفة بانتشار الحمامات الشعبية القديمة والتي تعود في معظمها إلى الحقبة العثمانية إلى جانب بلدية حسين داي والقصبة حيث فضلت العديد من النسوة الاستغناء عن الحمامات ولو إلى حين وكذلك الأمر بالنسبة للرجال المولعين بالاستحمام بالحمامات الشعبية و"الدوش". الأعشاب تعود إلى الواجهة لتعوض اللقاح الطبي وبين المواد الطبية والصيدلانية ومواد التنظيف ذات الإقبال الواسع من جهة والإجراءات الاحترازية والمبادرات الفردية التي لجأ إليها المواطنون من جهة أخرى فإن العديد من العائلات تتمسك بالوصفات التقليدية كاستعمال الأعشاب الطبية وشربها على غرار الشيح، الزعتر، حب البسباس، الينسون ... وغيرها من الأعشاب والعقاقير التي عادت إلى الواجهة ودخلت في تنافس حاد مع المنتجات الصيدلانية لكسب ثقة المواطن والتصدي لفيروس "ايتش1 ان1" الذي أثار انتشاره الكبير مخاوف لدى المواطنين لاسيما بعد وقوع ضحايا.