تحدث رئيس ومدرب فريق سباق الدراجات الهوائية لوداد بوفاريك، يحيى بن شلابي، ل''الفجر'' عن تاريخ ومسيرة وواقع هذا الاختصاص اليوم ببوفاريك• وكشف لنا عن أبرز المراحل التي مر بها فريقه منذ مجيئه وترؤسه العارضة الفنية• غير أنه أصر طيلة حديثنا معه على أن الفضل الأول في تكريس تقليد خاص لهذه الرياضة ببوفاريك يعود إلى الله عز وجل، وإلى أجيال متعاقبة من عائلات مناد وزعاف وغيرهما، والتي توارثت تقليدا رياضيا أكسب المدينة سمعة طيبة وباتت تعرف بالمدينة المدرسة في جميع الأصناف• السيد بن شلابي، وفي معرض حديثه، عاد إلى فترة العشرية السوداء التي أثرت على مردود الفريق، الذي بقي بالرغم من ذلك صامدا في وجه كل التحديات، كان أبرزها إقدام أعضاء الفريق، خلال التسعينات، على إحياء ذكرى ثورة أول نوفمبر المجيد بوضع إكليل ورد على النصب التذكاري بوسط المدينة، في وقت غابت السلطات المحلية• محدثنا أضاف قائلا: ''بالرغم من كل التهديدات التي طالتنا، إلا أننا أكملنا المشوار وبوفاريك أصبحت إما نقطة عبور أو نقطة وصول لكل سباقات المنطقة''• نتائج عدة ومشرفة حققها الفريق في مختلف المنافسات الوطنية، برز من خلالها دراجو بوفاريك الذين أصبحوا خزانا لأكبر الفرق الوطنية خاصة مولودية الجزائر، فيما كان المنتخب الوطني المستفيد الأكبر من هذه المدرسة• فطيلة السنوات الماضية حجز أبناء الوداد أماكن لهم في صفوف النخبة الوطنية، فيما كان الموسم الرياضي لسنة 95 96 الأنجح لوداد بوفاريك بعد أن تمكن القائمون عليه من وضع أسس منسجمة لفريق متماسك حقق بطولات الأواسط حسب الفريق، وفي تخصص الفردي، كما حصل على جوائز كبرى في مختلف الطوافات المقامة عبر كامل التراب الوطني، وشارك عناصره في سباقات باليونان باسم الوداد، وكل هذا، كما قال ذات المتحدث، بفضل الدراج زعاف عبد القادر الذي كان أول من أسس لنواة المدارس حسب الأصناف من الصنف الأول حتى الصنف الخامس، ما سمح للعدائين بدخول المنافسات الدولية، وليصبح في وقت لاحق نصف تعداد الفريق الوطني من عناصر الوداد• المدرب يحيى بن شلابي أكد لنا أن التذكير بإنجازات الدراجين إنما هو وسيلة للتأكيد بأن للوداد تاريخا لا يمكن لأحد تجاهله، وقد فرضت هذه الرياضة نفسها في مدينة تعشق كل الرياضات واشتهرت بعدة نتائج إيجابية في الألفية الثالثة، كالفوز بالمرتبة الأولى في صنف الأشبال التي حققها بلمختار عبد القادر الذي أصبح اليوم من الدراجين الذين ينافسون في مضامير السباقات العالمية، وهو من الجيل الجديد وأول من أهل الجزائر منذ سنة 1989 إلى 2006 في البطولة العالمية لسباق الدراجات، أي بعد غياب 17 سنة عن الساحة الدولية• هذا التأهل، حسب محدثنا، جاء بعد تدارك الجهات المسؤولة للوضع الذي كان سائدا، حيث تم الاستثمار في شخص العداء بلمختار عبد القادر الذي حقق نتائج جيدة في المنافسات التي دخلها، علما أنه الآن يتدرب في المركز العالمي للعدائين بجنوب إفريقيا، كما أنه كان أفضل متسلق جزائري، وقد فتح شهية بقية الدراجين لخوض غمار المنافسات العالمية، وتمكن 4 دراجين في وقت لاحق، أي في السنوات الثلاث الماضية، من التأهل إلى المنافسات العالمية• حديثنا مع مدرب وداد بوفاريك لسباق الدراجات الهوائية لم يقتصر على النتائج والنجاحات المحققة، بل امتد إلى جملة من المشاكل التي مازالت حجر عثرة أمام هذا التخصص، الذي قال عنه الفرنسيون إنه رياضة الأغنياء التي يمارسها الفقراء• وفي مقدمة المشاكل المطروحة، أورد محدثنا التوقيت الزمني للمنظومة التربوية في بلادنا، والذي يؤثر بشكل سلبي على الدراجين• ولا يقتصر هذا المشكل على تخصص سباق الدراجات بل يتعداه إلى جميع الأنشطة الرياضية وحتى الثقافية والفنية، حيث تساءل السيد بن شلابي عن الوقت المتبقي للتلميذ المتمدرس من الساعة 8 صباحا إلى غاية 5 مساء من أجل ممارسة أي نشاط، خاصة أن التمكن من هذا التخصص يتطلب الالتزام الدائم بساعات التدريب التي تزيد حسب تصنيفه الرياضي• وفي ظل هذا الإشكال، يبقى المستوى متذبذبا إن لم نقل ضعيفا، مضيفا أن مثل هذه البرمجة تسبب عدم توازن لأي فريق مهما كان• ذات المدرب تساءل عن سبب عدم تعميم ظاهرة الثانوية الرياضية التي تبقى، حسبه، السبيل الأنجع لتحقيق معادلة شباب متعلم مثقف ورياضي، قادر على تشريف الجزائر في جميع المحافل الدولية• من جهة أخرى، أبرز السيد بن شلابي أن الوقوف عند 20 دراجا في صنف الأواسط في النخبة الوطنية أمر مؤسف، وكذا الحال بالنسبة لصنف الأكابر ب35 دراجا في وسط غالبيته فئة شابة، مؤكدا أن النهوض بهذا التخصص يتطلب استثمارا حقيقيا وعلى المدى الطويل• مشكل آخر تطرق إليه المدرب بن شلابي ويتعلق بغياب شبه كامل لمضامير التدريب، فبعيدا عن مضمار ملعب 20 أوت بالجزائر العاصمة ومضمار عنابة لا يوجد للدراجين مضمار يسمح لهم بتطوير قدراتهم، بالإضافة إلى غلاء العتاد الرياضي حيث يقدر ثمن الدراجة الواحدة ب15 مليون سنتيم، ويصل سعر الدراجة الاحترافية إلى 100 مليون سنتيم، في وقت تعود الدراجات التي يملكها الفريق إلى 20 سنة مضت•الجزائر لها تاريخ في هذا التخصص، وبالرغم من ذلك فأبرز تقنييها بدأوا يتركون المجال لدول أخرى، بدأت منذ فترة قريبة تخطو خطواتها الأولى في سباق الدراجات، ما يحتم الحديث عن استراتيجية شاملة للخروج من الأزمة والحفاظ على الدراجين والإطارات والمتطوعين، حتى يبقى هذا التقليد الرياضي قائما• وعن الإعانات المالية التي خصصت للفريق، قال السيد بن شلابي إنه مرت عليهم أوقات لم يستفيدوا فيها من أي إعانة، لكن الأمور تغيرت مؤخرا، خاصة بعدما وعد رئيس بلدية بوفاريك بتخصيص غلاف مالي يقدر ب200 مليون سنتيم بالإضافة إلى مقر جديد يليق باسم وسمعة وداد بوفاريك بملعب محمد زقار.