يعتبر من أقدم الرسامين الكاريكاتوريين في الساحة المعروفة عالميا وسط العاصمة الإسبانية مدريد ''بلاثة مايور''، التي يقصدها السياح من كل أقطار العالم•• إبن مجاهدين من البويرة، الجزائري أودية امزيان، البالغ من العمر 65 سنة، قضى 03 سنة منها مهاجرا في أوربا قبل أن يحط الرحال في إسبانيا•• زبائني يثقون في لأنني جزائري انتقل الكاريكاتوري أودية امزيان، المعروف لدى الإسبان و السياح ب''المونسترو- العملاق''، إلى إسبانيا في سنه ال62، بعد أن اجتاز شهادة البكالوريا عام 2791 بمدينة دلس، لينتقل بعدها إلى المغرب لمواصلة دراسته في مدرسة الطيران، ليغادر مقاعدها لأسباب خاصة وينتقل إلى إسبانيا في تجربة جديدة مع الدراسة في المدرسة المتعددة التقنيات بمدريد، ليتوقف مرة أخرى عن مواصلة دراسته سنة 7791• ''الفجر'' التقت به في إسبانيا، وأعادته عبر هذا الحوار إلى بلده الأم• كيف لابن البويرة أن يجد مكانا له بين هذا الزخم من الرسامين الموجودين وسط أشهر ساحة في مدريد؟ في حقيقة الأمر، ظروف الحياة الصعبة التي مررت بها، هي التي حجزت لي مكانا وسط ساحة ''مايور''، فقد خرجت من الجزائر بغية إتمام دراستي في إسبانيا، غير أنني وجدت صعوبة كبيرة في التوفيق بين الدراسة ومتطلبات الحياة في إسبانيا، فتدبرت أمري عبر ما أملك من مواهب• هل هذا يعني أنك موهوب بالفن الكاريكاتوري، ولا دخل للتكوين والتعليم الأكاديمي في هذا النجاح؟ لم أتلق تكوينا أو تعليما أكاديميا في المجال الفني، وكل ما في الأمر أن الصدفة كشفت عن موهبتي في سن الخامسة من عمري، وكان ذلك أيام الثورة التحريرية في فناء المنزل بالبويرة، أين كان أفراد العائلة في جلسة عشاء، وكانت والدتي قد قامت بنشر غسيل الملابس، لألمح ظل أحد الأقمصة المنشورة على جدار الفناء، وقد دققت النظر إليه لمدة دون أن يلاحظني أحد من أفراد العائلة•• قمت بإعادة رسم ظل ذلك القميص على الجدار، لتتفطن العائلة لذلك وتعبر لي عن إعجابها الشديد، الأمر الذي دفعني إلى الاهتمام بما فعلت إلى أن وجدت نفسي في ساحة مايور المدريدية على حساب الدراسة، التي لازلت نادما على إهمالها، رغم نجاحي في المسيرة التي أوصلتني إليها الظروف المعيشية الصعبة التي كنت أعانيها في اسبانيا، وحاجتي المادية لضمان قوت يومي، لأن الغربة ليست الجنة كما يتصورها شباب اليوم• حدثنا عن بدايتك مع رسم أول كاريكاتير لشخص في إسبانيا؟ كان ذلك في برشلونة، أين بدأت أول رسوم الكاريكاتير بعد أن وصلت ظروفي المادية إلى نقطة الصفر، وبعد أن طلب مني سائح إسباني في ساحة'' لارامبلا'' الشهيرة تصميم رسم كاريكاتوري له، بدأت عملي بخوف شديد، إلى أن أثر ذلك على عملي أمام التجمع الكبير للسياح، وازداد الارتباك أمام هذا الوضع الذي أضحك الحضور، حاولت صديقة لي ألمانية أن تخفيه عبر عدة طرق زادت الجمهور ضحكا، وزادت من ارتباكي، وتحول المشهد إلى ارتباك وضحك، و والله الخوف من ضياع لقمة عيشي في حالة الفشل من رسم لوحة كاريكاتورية للسائح، كانت وراء ذلك الارتباك ولا شيء آخر• هذه الحادثة لازلت أتذكرها كلما جمعتني حكايات الماضي وهموم الغربة• كيف وجدت نفسك وسط هذا الزخم من الفنانين والسياح المتواجدين في هذه الساحة؟ بعد السنين الطويلة التي قضيتها في هذا المكان، كان لابد أن أحجز زاوية أو أغادر إلى الأبد، وتحقق لي مرادي وأصبح السياح الإسبان منهم والأجانب يبحثون عني لإقامة كاريكاتوريات لهم ولذويهم، ولن يتقدموا لرسام آخر في الساحة في حالة ما إذا غبت، وأصبح عدد كبير منهم من أخلص زبائني• وهذه العائلة قدمت من السويد منذ عامين ورسمت لوحتين لكل منهما (كان منهمكا في رسم كاريكاتير لزوجين)، واليوم عادا بابن لهما إلى مدريد في رحلة سياحية وبحثا عني لرسم كاريكاتوريات للعائلة الصغيرة• وإلى ماذا يرجع هذا الاهتمام والإلحاح من الزبائن على رسومات يدك؟ أهم شيء يبحث عنه السائح أو الزبون عامة، الثقة في الفنان الذي يرسم لوحاته باعتبار أن هذا الفن جد حساس خاصة لدى النساء، نحن نرسم صورا مضحكة قد تحرج صاحبها، وهذه الثقة وجدها الجميع في كاريكاتوري جزائري معروف بحفظ الأمانة كسمة جميع الجزائريين، وهو ما جعلني أعبر عن اعتزازي وافتخاري بجزائريتي• على ذكر المرأة، هل يقصدك بشكل كبير النساء أو الرجال، وهل حدثت لك أمور طريفة أو سيئة مع زبائنك؟ فن الكاريكاتير يستقطب المرأة أكثر من الرجال، باعتبار أنها تحاول بطبعها أن تعرف رأي الآخرين في جمالها من جهة، و تمتع الرجال في إثارتها بتلك الرسومات من جهة أخرى، لذا يطلب الرجال رسوما كاريكاتورية لزوجاتهم و صديقاتهم و ذلك بحضورهم أو دونهم، لذا فأغلب الرسومات موجهة للمرأة التي تعبر عن فرحتها عند إنهائها، وذلك ما جعل الثقة تتطور مع زبائني، الأمر الذي يمنع حدوث مشاكل أو سوء فهم بيني وقاصدي في ساحة مايور، بل بالعكس فكل رسم كاريكاتوري يزرع الضحك فيما بين الحاضرين، و وصل الأمر إلى أن أصبح المكان مركز للترويح، والتسلية• رسم كاريكاتير لامرأة وآخر لرجل، أيهما يختار أمزيان ويحس بارتياح؟ في حقيقة الأمر أكون مرتاحا وسعيدا عندما أرسم لوحة كاريكاتورية لامرأة، خاصة بحضورها، لسبب واحد و وحيد لأنني أتخيلها أمي، وأعكف بتركيز كبير في رسم اللوحة لأجل إرضائها وإسعادها، وأذكر في هذا المقام ما كانت تقوله أمي و أنا بجانبها في البويرة وحتى في غربتي حين نتحدث ''من أحبته أمه فقد تحبه جميع نساء العالم''• أين وقف أودية امزيان ما عدا ساحة مايور؟ تجولت في كل ساحات إسبانيا و أشهرها، ومكثت في العاصمة الفرنسية باريس عدة شهور من ساحة لأخرى وقلمي في يد واللوحة في اليد أخرى• هل لك أن تشرح لقراء ''الفجر'' معنى''مونسترو'' الذي تشتهر به هنا في إسبانيا بين السياح وزملائك الفنانين؟ ''مونسترو'' كلمة إسبانية معناها العملاق، وهو اعتراف بالقدرة التى تتمتع بها رسوماتي في الوصول إلى مبتغاها وإرضاء الزبائن، وهو الاعتراف الذي أعتز به كثيرا، لأنه يمثل ثمرة السنين ونتيجة المجهودات• دون الكاريكاتير، أين نجد أمزيان؟ بمقابل فن الكاريكاتير، أهوى الكتابة التي جعلتني أنتهي من تأليف كتابين باللغة الإسبانية، الأول يحمل عنوان''مسودة ساحة مايور'' والآخر'' بوغادور''، وقدمتهما إلى المكلف بالثقافة بسفارة الجزائربمدريد من سنوات ولم أتلق أي رد لحد الآن، بخصوص مساعدتي في الطبع والتوزيع• هل أحس أمزيان بالعنصرية خلال مدة إقامته في إسبانيا؟ لقد سئمنا من كلمة مهاجر، فرغم امتلاكي لوثائقي الرسمية، إلا أن البعض يستعمل ضدي عبارات عنصرية، كمناداتي بالمهاجر أو اذهب إلى بلدك، فأصبحت في بلدي مهاجرا و في إسبانيا مهاجرا، أنا لست مهاجرا؛ بل الحياة دفعتني لأكون كذلك، فقد عانيت من البرد والحاجة والمعاناة، أنا اعتبر نفسي رحالة• بحكم تواجدك في ''بلاثة مايور'' الشهيرة وممارستك لفن الرسم الكاريكاتوري، بالتأكيد شارك قلمك في رسم لوحات لمشاهير عالميين، وحتى جزائريين، أليس كذلك؟ فن الكاريكاتير يستهوي الجميع، ما يجعل عددا كبير من المشاهير يطلبون رسم كاريكاتورية بنية الاكتشاف، وقد كان مغني الفلامينفو''مورينيني''، والممثل الاسباني''لوس مورانتوس''، و فرقة'' السوكر مورينو'' من بين زبائني، بالإضافة إلى المشاركات الكثيرة في البرامج التلفزيونية، كالحصة المخصصة للاعبي فريق كرة السلة الإسباني، وعدد من الحصص الفكاهية، بالإضافة إلى مشاركة ''سلبية'' في قناة الجزيرة مع لخضر بريش• وماذا حدث مع لخضر بريش والجزيرة حتى تستاء من المشاركة في حصته؟ للأسف، اتصل بي المنشط الصحفي لخضر بريش هنا في مدريد لأشاركه في تنشيطه وتعليقه على مباراة من البطولة الإسبانية جمعت فريقين تجمعهما حساسية خاصة من جانب الأنصار، و ذلك من خلال التعليق معه عن طريق الرسوم الكاريكاتورية، غير أنني لم أتلق المقابل إلى يومنا هذا• وقد وعدني لخضر بريش باسترداد حقوقي، إلا أنه لم يفِ بوعده، و لا يرد على اتصالاتي، ووضعني في صورة غير مشرفة أمام أنصار الفريقين• وهل ينوي المونسترو العودة إلى الجزائر ووضع تجربته أمام الشباب والفنانين؟ بالتأكيد؛ أنا مشتاق إلى بلدي رغم أنني أزورها باستمرار، و سيأتي اليوم الذي أقرر الاستقرار في الجزائر نهائيا، والعمل مع الفنانين والشباب لترقية الفن الجزائري الكاريكاتوري• وكيف يرى الرسام أمزيان وضعية فن الرسم في الجزائر؟ الجزائر تملك العديد من الإمكانيات الفنية غير مستغلة، خاصة المادة الأولية الخام المتمثلة في الشباب، غير أن الفنان الجزائري دخل العالمية لكن ليس بمستوى الإمكانيات المتوفرة، وأنا أرى أن الفنان عندنا معطل على تطوير فنه، وهنا أوضح شيئا مهما، وهو أن الإسبان لا يملكون أدنى معلومات عن الفن الجزائري، ومجهول لدى أغلبيتهم، لذا أصبح الجزائريون المتواجدون عبر التراب الإسباني يقودون حملة غير معلنة للتعريف بالجزائر وثراء فنها، لذا أدعو إلى إعادة النظر في دور الفنانين في المهجر وتوسيع مجال عملهم إلى التعريف بالتراث الزاخر للجزائر• بماذا يختم المونسترو حديثه؟ أشكر يومية ''الفجر'' التي تزور إسبانيا، على إخراجي من الكهف والنسيان الذي أعانيه، باعتبار أنني مجهول في بلدي، وحواري معكم هو الأول من نوعه مع صحيفة جزائرية في مدريد•• شكرا• لم أتلق تكوينا أو تعليما أكاديميا في المجال الفني، وكل ما في الأمر أن الصدفة كشفت عن موهبتي في سن الخامسة من عمري، وكان ذلك أيام الثورة التحريرية في فناء المنزل بالبويرة، أين كان أفراد العائلة في جلسة عشاء، وكانت والدتي قد قامت بنشر غسيل الملابس، لألمح ظل أحد الأقمصة المنشورة على جدار الفناء، وقد دققت النظر إليه لمدة دون أن يلاحظني أحد من أفراد العائلة•• قمت بإعادة رسم ظل ذلك القميص على الجدار•