مصر قالتها صراحة في المدة الأخيرة: إن أمن مصر من صميم أمن إسرائيل! لهذا كان أنبوب الغاز المصري لإسرائيل. وغدا سيكون أنبوب مياه النيل لصحراء النقب.. وقبلها كان اتفاق التجارة الحرة مع إسرائيل.. أي تحويل السوق العربية المشتركة عبر مصر إلى سوق للبضائع الإسرائيلية! ولهذا أيضا باعت مصر الإسمنت لإسرائيل لبناء الجدار العازل، ولهذا أيضا تقوم مصر ببناء الجدار الفولاذي لصون أمن إسرائيل مع مصر عبر غزة! أي أن مصر تفضل الوحدة مع إسرائيل بديلا عن الوحدة العربية! مصر وإسرائيل الآن تلوحان بحرب ضد حزب اللّه في لبنان، وضد بقايا حماس في غزة، وتسعى مصر بجدية إلى عزل سوريا ولبنان رسميا عن حزب اللّه كي تنفرد به إسرائيل فيما يستقبل من حرب في الأفق! لكن أمريكا التي تتكئ عليها إسرائيل ومصر أمنيا.. بدأت تطلق إشارات مريبة وهي غارقة في أفغانستان وباكستان واليمن بعد العراق! وأصبحت تقول دون تفسير ما تقول ”إن أمريكا ملتزمة بأمن إسرائيل؟!” وما كانت أمريكا تقول هذا الكلام لو كانت إسرائيل قادرة على حماية أمنها لوحدها! مصر التي وعدها أوباما بزعامة ”الشرق الأوسخ” الجديد تريد التنسيق مع إسرائيل ضد التحرك التركي الإيراني الجديد في العالم العربي: من غزة إلى لبنان إلى سوريا.. لهذا رأت مصر أن تلتقي مع الأسد في الرياض لترتيب الانفراد الإسرائيلي بحزب اللّه! ما يقلق أمريكا وإسرائيل ومعهم مصر هو فيضان الشعوب في مناطق عديدة من العالم العربي والإسلامي على الحكام، واعتناقها لمنطق المقاومة! وأن أي حرب قادمة قد تعرف إسرائيل كيف تبدأ ولكنها لن تعرف كيف تنتهي؟! المنطقة بالفعل حبلى بالتطورات المتلاحقة أصبحت معها مصر خارج الصورة في كل شيء! وأخشى ما تخشاه مصر هو أن ترتب أمريكا الأمور مع تركيا وإيران والعراق الجديد خارج! لكن السؤال في كل هذا هو أين موقع الجزائر فيما يحدث في الشرق الأوسخ؟! والجواب واضح.. مصر لم تعد تربط أمنها القومي بالأمن القومي العربي وتربطه بإسرائيل وهذا حقها! فلماذا إذاً تبقي الجزائر على مساهماتها المالية في مؤسسات مثل الجامعة العربية.. ومساعدة الدولة الفلسطينية المزعومة في رام اللّه؟! والحال أن مسألة فلسطين لم تعد قضية فلسطينية فكيف بها قضية عربية؟! ومن هنا ينتظر الرأي العام الجزائري من حكومته مواقف حاسمة في القمة العربية القادمة في موضوع الجامعة العربية والقضية الفلسطينية، خاصة وأن ما كان يجمعنا بالمصريين قد انتهى!