مصر تواجه مشاكل جدية مع شركائها في حوض النيل.. وقد ظهرت هذه المشاكل إثر بداية الحديث عن ضخ مصر لكميات من مياه النيل لصحراء النقب الإسرائيلية كبادرة حسن نية من مصر نحو إسرائيل.. وبيع جزء من ثروة مصر المائية لإسرائيل؟! هنا تحركت دول حوض النيل لتقول لمصر نحن أحق بهذه المياه التي تريد مصر بيعها لغيرها! مصر ارتكبت خطأً فادحًا في سياستها الخارجية عندما فرطت في علاقاتها مع دول حوض النيل واتجهت شمالا لضمان أمنها مع إسرائيل والتفريط في أمنها في الجنوب.. وهو أمن أكثر حيوية من أمن الشمال! لقد كانت مواقف مصر من أزمة جنوب السودان مخزية.. خاصة عندما اعتقد المصريون بأن تشطير السودان إلى جنوب وشمال يمنح مصر القوة الإضافية للسيطرة والتحكم أكثر في منابع النيل.. فكانت النتيجة التي لم تتوقعها مصر! كما أن موقف مصر من أحداث دارفور فيه من التقصير ما جعل السودان يعيد النظر في العلاقة مع مصر! الآن تتحدث مصر عن صون أمنها القومي المرتبط بالنيل حتى ولو أدى الأمر إلى استخدام القوة! وهي أخطاء أخرى قد ترتكبها مصر ضد محيطها الحيوي! مشكلة حوض النيل مشكلة جدية ستواجه مصر في الأعوام القليلة القادمة.. لأن دول حوض النيل لها الحق كما لمصر الحق في الاستفادة من هذا المصدر الحيوي.. وأي نزاع قد ينشب حول هذا الموضوع بين دول المنبع ودول الحوض والمصب سيؤدي إلى كوارث يصعب التكهن بها! ولا بد أن تفهم مصر أن أمنها في هذا المجال يرتبط أساسا بأمن سودان موحد وقوي.. وليس بسودان مهدد بالانشطار السياسي والديني. ويبدو أن مصر قد أصيبت بعياء أقعدها عن التفكير الجدي في المسائل الحيوية لأمنها!