وطار رجل يفرض الاحترام ويصنع الإثارة الهادفة والتاريخ في كل حالاته الإبداعية والشخصية والسيكولوجية. روائي متميز يعترف بلمسته الإبداعية الأصدقاء والأعداء، ويثير الجدل باسم الإيديولوجية والمزاج والمواقف الشخصية والإبداع الروائي الطاهر جاووت غيب الكتاب المعربين في باريس، وجمال الدين بن شيخ دافع عني واصفا أمثاله بأصحاب العقلية الاستعمارية واجهت فرحات عباس وبن بلة وبومدين، وأعتبر ياسمينة خضرة ابني أخشى على الجاحظية بعد رحيلي ومسيّر ومناضل ثقافي و”بريكولور” من الطراز النادر في الحياة الخاصة، ومتحدث يفقه فن التندر في أصعب وأحلك الظروف. عمي الطاهر الذي يصارع الورم الخبيث الذي استوطن كبده لا يعرف الحزن والتخاذل. والزيارة التي قامت بها ”الفجر” إلى إقامته المتواضعة الجديدة بضاحية درانسي الشعبية في فرنسا أكدت مجددا أن الرجل من أمهر وأقوى المصارعين في رياضة الكفر باليأس أيضا. ذهبنا إلى عمي الطاهر للاطمئنان على صحته ولتعزيته في فقدان شقيقه الأكبر، وتهنئته بحصوله على جائزة العويس، وإعطائه فرصة الرد على الروائي ياسمينة خضرة. في الحديث الذي تنفرد به ”الفجر” والمليء بما هو كفيل على إثارة ردود فعل على أكثر من صعيد، عرجنا مع عمي الطاهر على الرواية والثقافة وعلى جديده الإبداعي وكيفية تسييره جمعية الجاحظية من وراء المتوسط الوديع، وعلى معنى وأثر جائزة العويس التي لم يكن يفكر فيها، وأخيرا على آفاق إقامته بعد أن تحول إلى حرا? يسخر من نفسه، وعلى لامبالاة القنصل الجزائري العام، رغم رعاية الرئيس بوتفليقة الذي اطمأن عليه مؤخرا من خلال رسالة شفوية حملها له عبد القادر حجار سفير الجزائر في مصر.
في البداية وباسم طاقم ”الفجر”، إدارة وصحفيين، نعزيك في فقدان شقيقك الأكبر ونريد معرفة حالتك الصحية بعد أن طالت مدة إقامتك في باريس بغرض العلاج. أولا أشكر صحيفة ”الفجر” على الاهتمام الذي توليه لي وأنت تعرف بحكم اتصالاتنا المتبادلة منذ عدة شهور أن بعض الصحف والجهات المسؤولة لم تقم بواجبها حيالي، و”الفجر” كانت السباقة في طرح موقف ياسمينة خضرة، مدير المركز الثقافي الجزائري في باريس، مني، واليوم أنتهز الفرصة للرد عليه بعيدا عن روح الصراع أو الحقد، ولكن من باب تنوير الرأي العام الجزائري. عن صحتي.. يمكنني القول إنني لابأس وأتعافى شيئا فشيئا لكن يجب التأكيد أن إصابتي بورم في الكبد يشكل مرضا خطيرا ويمكن أن يحدث مفاجأة في أي وقت. مهما يكن من أمر أنا على قيد الحياة وآكل وأشرب وأنام وأمشي بشكل جيد، وكانت ومازالت أمنيتي أن أكون بين أفراد عائلتي في الجزائر ووسط الأحباب والأصدقاء في الجاحظية. على ذكر الجاحظية.. هل أسمح لنفسي أن أقول إن بعدك عن الجاحظية ليس أمرا يسهل تحمله نفسيا إذا عرفنا ارتباطك العضوي والوجداني بها باعتبارها عائلة ثانية بأتم معنى الكلمة؟ الجاحظية مكسب عشرين سنة من العمل والكد والمثابرة والإيمان بالنضال الثقافي، ويمكنني القول أنها عائلة تتداخل يوميا مع عائلتي الخاصة، وحدث أن عملت 24 ساعة على 24 ساعة في بيتي من أجل ضمان سيرها النوعي الحسن، وعليه يعز على المرء أن يبتعد عنها لمدة طويلة ويعيش من بعيد التهديد الذي يتعرض له هذا الإنجاز. وللتاريخ أقول إن الجاحظية ليست جمعية عادية ويندر أن تجد مثيلها في العالم العربي، وشعارنا ”لا إكراه في الرأي” يعد عصارة توجهنا المفتوح على الجميع دون إقصاء. ولا تنسى أنني أسستها مع الراحل الكبير يوسف سبتي في أحلك الظروف، ودعونا منذ البداية إلى التسامح في الوقت الذي كان فيه آخرون باسم الديمقراطية والعلمانية يدمنون على إقصاء وإلغاء الآخر الذي يختلفون معه إيديولوجيا، ولهذا يعز علي أن أروح (ألم أكتب أنه لا يعرف لغة اليأس والدليل قوله أن أروح وليس أن أموت). التهديد الذي تتحدث عنه يتضمن في اعتقادي حقيقة أشرت إليها من منطلق موضوعي يعرفه العام والخاص، ولكن خصوصية هويتك التاريخية والإجتماعية والرمزية والكاريزما الشخصية تشكل ذاتية لا يمكن تعويضها في أي حال من الأحوال، وأفهم أنك لا تستطيع أن تقول هذا الكلام باسم التواضع. أنت عبرت ربما عن حقيقة موضوعية تقصد من خلالها حالة ذاتية تتعلق بمساري الاجتماعي الاستثنائي مقارنة بواقع معظم الجاحظيين اليوم. أنا أسست الجاحظية بعد تجربة سياسية طويلة وصراع ونضال إيديولوجي ومهنية متعددة الأوجه، وتقاعدي لم يكن عاديا أيضا، والدليل استمراري في العمل بشكل جديد يكرس المبادئ التي عشت من أجلها.. ولهذا أقول أخاف من أن تتحول إلى جمعية عادية تسد الفراغ كالجمعيات الأخرى، علما أنني أفهم وضع الجاحظيين الحاليين الذين من حقهم العيش بالطريقة التي تفرضها حالاتهم الاجتماعية والاهتمام بشؤونهم الخاصة. من كلامك أفهم أنك تدير الجاحظية عن بعد.. أتصل هاتفيا يوميا ثلاث أوأربع مرات بالسكرتيرة وأنا على علم بكل الأمور في وقتها، ولا شيء يتم دون علمي وبتدخل مني استطعنا أن نقوم بأشغال كهربائية كادت أن تكلفنا مبلغ 10 ملايين زائدة لولا فكرة اللجوء إلى كهربائي حر وإلى الحميز لشراء السلعة المطلوبة بثمن أخفض. (بعد أن ضحك أضاف).. أنت تعرف أن الجاحظية ليست فقط محاضرات وندوات، وهي أيضا مطبعة تدور وورق ومجلات وجوائز - جائزة مفدي زكريا الشعرية وجائزة الهاشمي سعيداني الروائية التي أمولها - ونحن بصدد العمل على تجديد مجلة التبيين لتجاوز طابعها الأكاديمي الجامد. بلغني أنك سررت كثيرا بجائزة العويس، وقرأت أنك ستخفف بمبلغها على الدولة التي تتكفل بعلاجك. كيف؟ ولماذا؟ هذا صحيح، وسررت بها كثيرا وتأثرت للفتة الإخوة الذين كرموني بهذه الجائزة الهامة على الصعيد الأدبي العربي، وسررت بها أيضا لأنها لبت رغبتي في التحدي على الصعيد المحلي، ونحن الجزائريون لا نعترف إلا بالواقف وكأحفاد قراصنة لا مكان لغير عزرائيل الذي يستولي على السفينة، وللأسف لا نجد من يقول أن فلانا ما يستحق الاحترام والتكريم لأنه الأجدر، والدليل أن الكثير من الزملاء لم يتجرؤوا على تهنئتي لأن كل واحد منهم كان ينتظر أن تسند له هذه الجائزة. من تقصد تحديدا إذا كان الأمر لا يحرجك؟ وهل تعني اليساريين الذين عاتبوك على موقفك من الإسلاميين؟ أم الروائيين الذين يرون أنهم أحسن منك إبداعيا. علما أن بعضهم رشحوا أنفسهم لجوائز أخرى. لا... لا لا تحاول أن تجرني إلى هذا المطب وأقصد تحديدا اللي مافهموش أرواحهم فقطن كما نقول. وماذا عن قولك لصحيفة ”الخبر” أو”الشروق” أنك ستخفف من أعباء الدولة بمبلغ الجائزة. قلت هذا الكلام للشروق، أما ”الخبر” فقد تجاهلتني ولم تهنئني، ونسبت خبر الجائزة إلى حميد عبد القادر في حين أنا الذي أرسلته للجريدة، ويؤسفني إن أقول إن في هذه الجريدة روائي لم يكمل إلى حد الآن روايته الجديدة، مثله مثل مسؤولي ميترو الجزائر. أما عربيا فكانت الأصداء طيبة جدا على الصعيدين الإعلامي والثقافي وتلقيت تهاني الكثير من الأدباء والكتاب من عواصم عربية وأوروبية، بما فيهم سعدي يوسف الذي اتصل بي من لندن. ردا عن شق السؤال الخاص بالمبلغ المالي لجائزة العويس الذي يساوي 120 ألف دولار أي حوالي 70 ألف أورو، أقول إنني لم أقصد أن الدولة مقصرة حيالي كما يمكن أن يفهم، وأعني بتخفيفي عن الدولة لجوئي في كثير من الأحيان إلى مالي الخاص في انتظار وصول مصاريف الرعاية الحكومية لأسباب تقنية وإدارية محضة تتعلق بإقامتي كحراف في انتظار تسوية وضعيتي. وما هو الإشكال تحديدا؟ الإشكال يكمن في انتظار قرار طبيب الضمان الاجتماعي الذي هو بصدد دراسة وضعيتي على المستوى المركزي بباريس، وكثيرة هي المرات التي قيل لي ”موسيو فوتر دوسييه إي أونتر ليمان دي ميدسا”، أي أن ملفك بين يدي الطبيب. ورد علينا عمي الطاهر هذه المرة بفرنسية جيدة وأضاف ”جو سوي سون باببييه، أي حراف.. ولحظتها ضحكنا من أعماقنا. ماذا فعلت السلطات الجزائرية المعنية بوضعيتك للتخفيف عليك نفسيا ومحاولة معالجة الأمر، ولو أن القضية فرنسية خالصة على الصعيد القانوني. وإلى أي حد يمكننا التحدث عن تقصير؟ يمكن التحدث عن تقصير والقنصل العام الجزائري في باريس تجاهلني تماما، علما أن رئيس الجمهورية هو الذي أرسلني وطلب مني أن أتصل به عند الضرورة. لكن كيف للقنصل أن يتجاهلك وهو الذي يفترض أن يخضع لرئيس الدولة؟ اسمح لي إحنا عندنا 77 دولة، وهذا التصرف لا يخرج عن نطاق الإقصاء الإسلاموي. أفهم أنه لم يسأل عنك ولم يقم بزيارتك؟ لم يرد حتى على الذين سألوه عني رغم أنني أعرفه ويعرفني. معليهش كل واحد يدفع الثمن بطريقة أو بأخرى، وخلافا لموقف القنصل العام فقد زارني السيد عبد القادر حجار سفيرنا في مصر محملا برسالة شفوية من رئيس الجمهورية، ووزيرة الثقافة خليدة تومي، ولويزة حنون وجماعة أخرى من مختلف المسؤوليات.
أتصل هاتفيا يوميا ثلاث أوأربع مرات بالسكرتيرة وأنا على علم بكل الأمور في وقتها، ولا شيء يتم دون علمي. لا شك أنك قرأت رد الروائي ياسمينة خضرة مدير المركز الثقافي عليك في ”الفجر” التي طرحت قضية خلافك معه وعدم قيامه بالواجب حيالك كمسؤول يمثل الدولة أيضا. ماذا تقول بعد أن التزم بتكريمك؟ أولا أذّكره أنني كنت الوحيد الذي دافع عنه عندما نددت به ”الخبر” سياسيا وتحدثت عن تقربه من اليهود بقلم الصحفي محمد بغالي، كما لا أعتبر هذا الأخ مفرنسا لأنه يحسن العربية مثله مثل بوجدرة وله وجدان إسلامي ولربما بربري بحكم انتمائه إلى بربر بشار كما بلغني، وثالثا يجب أن يعرف أنني لا أعاديه شخصيا وليس لدي حساب أصفيه معه. أما عن ”حزب فرنسا” فلست أنا الذي أبدعت أو اكتشفت العبارة وتحدث عنها قبلي الرئيس الراحل هواري بومدين في قسنطينة وفي مناسبات أخرى أكثر من مرة، وقالها أيضا الرئيس عبد العزيز بوتفليقة. ثقافيا وكرجل يرفض الإقصاء مهما كانت طبيعته، أذكّره أنني تعاملت مع المثقفين المفرنسين قبل أن يظهر بعضهم وجههم الحقيقي. ومن التظاهرات التي بدأنا بها نشاطنا في الجاحظية ندوة عالمية عن محمد ديب، بحضور مترجميه من السويد وروسيا والنمسا ومصر، وأصدرنا مجلة التبين باللغتين العربية والفرنسية. ولياسمينة خضرة وللتاريخ أقول، وللأسف الشديد، أن رفقاء شيوعيين مفرنسين هم الذين حاولوا فرض الطابع السياسي على الجاحظية، ومن بينهم صورية قويدر ودليلة زكار والطاهر جاووت رحمه الله وآخرون، والعيب كما نقول جاء منهم وليس مني. لخضرة وللتاريخ أيضا أقول أن بعضهم جاؤوا إلى مسرح الهواء الطلق بمناسبة تنظيم معرض كتاب وطلبوا مني استعمال اللغات البربرية والفرنسية والشعبية على حد تعبيرهم دون العربية الفصحى، وانفجرت الأزمة أكثر عام 1992 في باريس بمناسبة إحياء ذكرى اتفاقيات إيفيان في معهد العالم العربي، ويومها فوجئت بكتاب حرب الجزائر والقصة، وأفتح قوسين هنا لأنصح خضرة بقراءة هذا الكتاب الذي لم يتضمن قصة واحدة باللغة العربية أو مترجمة من الفرنسية إلى العربية لمرزاق بقطاش أو لجيلالي خلاص أو لعمي الطاهر، رغم أنهم ترجموا إلى جانب كتاب معربين آخرين. بعد عودتي إلى الجزائر نظمت ندوة صحفية ونددت بنشر عمل مدام لعسل الشيلية المتزوجة من جزائري توفاه الأجل ولا تنشر أعمال أكبر الكتاب الجزائريين من المذكورين وغيرهم، وتشخصت الأزمة إثر استنفار قادة الأوركسترا بسبب رفضي لمجاراة المرحوم الهاشمي شريف وآخرين من الإلغائيين والإقصائيين. كانوا يريدون منك أن تأخذ الموقف نفسه كشيوعي. نعم.. نعم.. نعم. هذه المعلومات هامة جدا للرد على خضرة، ولكن ماذا عن قوله بأنك وراء الفتنة الأشد من القتل والقائمة بين المعربين والمفرنسين إلى يومنا هذا كما قال، وعن قوله، مثلك، أنه ليس لديه مشكلة شخصية معك؟ أكرر أنني لست وراء أي نوع من الفتن، وسيكتشف صناع الفتنة بعد قراءة محاضر جلسات الندوة التي احتضنها معهد العالم العربي. لكن خضرة يكرر دائما قولك بأن رحيل الروائي والصحفي الطاهر جاووت خسارة لفرنسا. ما قلته على المرحوم جاووت قد أقوله على خضرة نفسه، وأنت عندما تكتب بلغة قوم تزيدها مفردات وتنقصها أخرى وتفتخر بهم ويفتخرون بك، فمن البديهي أن أقول كتحصيل حاصل أن رحيل هذا النوع من الكتاب خسارة لفرنسا، وأنا شخصيا أفرق بين خضرة وبين بوعلام صنصال والمرحوم رشيد ميموني الفاقدين لوجدان إسلامي أو عربي، خلافا للراحل جاووت الذي يقرأ العربية والبربرية، وأنصح خضرة أيضا بقراءة رواية ”الباحثون عن العظام الخالية” في إشارة إلى الجيش الفرنسي أو الاستعمار الفرنسي. أفهم أنك لم تغير رأيك اليوم. لا أغير رأيي، وقلت العبارة بطيبة خاطر وأكررها، لأن فقدان مبدع يكتب بلغة ما خسارة لمرجعيتها الجغرافية الأصلية، وهذا ينطبق على كاتب إنجليزي يكتب باللغة الفارسية. وليعلم الجميع بما فيهم خضرة أن الراحل جاووت كان عضوا في الجاحظية وهو الذي كتب في صحيفة روبتور مطالبا بقطيعة مع العروبة والإسلام، وهاجمني بسخرية بقوله أن اسمه الكامل يتضمن جاووت وليس الطاهر فقط، وليعلم القراء أن الدكتور أحمد منور قد ألقى محاضرة عن إحدى رواياته في الجاحظية، رغم أنه لم يكلف نفسه عناء الرد على الدعوة التي وجهتها له مباشرة بعد تعيينه على رأس المركز الثقافي الجزائري بباريس. وبهذه المعلومات أعتقد أنني رفعت كل اللبس عن صراع شخصي مفتعل، وأترك الحكم لقرائكم الكرام للحكم على طبيعة وحقيقة الخلاف. وحتى أثبت لخضرة ولآخرين يعتقدون أنني ضد كل الفرانكفونيين أو المفرنسين أو من صناع الفتنة بينهم وبين المعربين كما قال لك، أذكره بأن كرسيتيان عاشور كانت من أحسن المفرنسين الذين تحدثوا في الجلسات التي عقدناها في معهد العالم العربي بحضور نجاة خدة وعبدو بزيان الصحفي، والمدير السابق للتلفزيون، والكاتب الجزائري الكبير والشهير الراحل الذي نسيت اسمه للأسف الشديد. أعتقد أنه جمال الدين بن شيخ شكرا.. شكرا إنه جمال الدين الشيخ، وأتذكر أنه نزع مني الميكروفون وعبر عن استيائه قائلا ”هذه عقلية استعمارية مستمرة وأحتج على الذين أعدوا الكتاب المذكور”، ووقتها لم أكن أعلم أن الراحل الطاهر جاووت وكاوة عبد المجيد كانا وراء العملية، وهنا أسأل خضرة: ”ماذا تقول عن الجزائريين الذين يعدون كتابا عن حرب التحرير والقصة في الجزائر دون ذكر إسم معرب واحد؟”.
هل اتصل بك بعد أن التزم بدعوتك وتكريمك إثر حديثه ل”الفجر” الذي قال فيه أنه لم يكن على علم بمرضك؟ وكيف تفسر ذلك؟ لم يفعل، ولا أفسر شيئا وأنا لا أعد مزعجا للنوع المفرنس المذكور وأقلق معربين معينين معروفين بعقلية الأبوية، ومنهم أولئك الذين أصبحوا يكتبون باللغة الفرنسية لأنني أكتب كتابة جيدة وناجحة، وأتناول قضايا حساسة وخطيرة تمس الواقع الجزائري تاريخا وثورة وإيديولوجية، وأفسر علاقتي بخضرة بروح قتل الأب، وما أدهشني في موقفه هو عدم تداركه الأمر بتهنئتي على الجائزة حتى لو كان لا يحبني أو لا يعتبرني كاتبا جزائريا. وهذا ما حز في قلبك.. لا...لا (أجاب مصفرا) وقائلا: أي هوه.. أنا قلبي كبير وسبق أن واجهت فرحات عباس وبن بلة وبومدين ونجوت من الموت عدة مرات، وموضوع خضرة لا يمثل شيئا مقارنة مع ما عشت وواجهت من قبل.. وأعتبره إبني. أخيرا لا يمكن أن نفترق دون معرفة مدى قدرتك دائما على الإبداع في ظل المرض، وهل الأيام التي تعيشها في باريس يمكن أن تنشط مخيلتك الروائية في المستقبل القريب؟ أم أن مسيرتك الإبداعية مستمرة خارج هذا السياق؟ أنا بصدد بلورة ملامح رواية جديدة تدور حول موضوع يراودني منذ أكثر 35 سنة، وستنشرها دار الأخت زينب الأعوج بعد صدور رواية ”قصيد في التذلل” التي تناولت فيها الفساد الإداري في الجزائر.