مسرح الهواء الطلق "العادي فليسي" كان على موعد مع نخبة من المثقفين وإطارات في مؤسسات ثقافية جمعتهم مؤسسة فنون وثقافة في إطار الفعاليات الشعرية السابعة لمدينة الجزائر، حيث تم خلاله تكريم شيخ الروائيين الجزائريين الطاهر وطار والوقوف أمام إنجازاته الأدبية والثقافية وقفة عرفان، كما تم توزيع الجوائز على الفائزين في مسابقة الشعر. الطاهر وطار شيخ الرواية الجزائرية لم يكن غائبا عن هذا التكريم بمحض الصدفة، بل المرض هو الذي أخره، غير أن وجوده كان مترددا على معظم الألسنة التي حضرت هذا التكريم الذي بادرت به مؤسسة فنون وثقافة لولاية الجزائر، حضر عمي الطاهر بأعماله ومنجزاته، حضر برواية اللاز وعرس بغل والولي الطاهر يعود إلى مقامه الزكي، حضر بما أنجزه وهو يدير الإذاعة الوطنية الجزائرية، حضر بمؤسسة الجاحظية، حضر الطاهر وطار بكل جرأته وشجاعته ومواقفه بشهادة من عملوا معه ومن عرفوه عن كثب. محمد شلوش الذي اشتغل معه في الإذاعة وقال عنه بكل صراحة: "الطاهر وطار رجل متميز وشخصية فذة، تولى إدارة الإذاعة في شهر ماي سنة 1990، مثل وحده مؤسسة كاملة تدفعها روح المبادرة والإبداع، ربح الرهان على من كانوا يشككون في قدرته التسييرية، واستطاع أن ينجز في مدة 18 شهرا ما لم يستطع غيره إنجازه في عشرية كاملة". وأضاف السيد شلوش أن من المنجزات التي تحسب له إذاعة القرآن الكريم والإذاعات الجهوية، كما أنه تميز بشجاعة فائقة ومواقف راسخة، وقد عرفت في عهده الإذاعة النقاش الحر. أما الدكتور أحمد خياط فقد تناول الطاهر وطار من خلال شخوصه الروائية وقدرته في توحيد الزمكان في شخصية بولرواح، وهذا يعود حسب المتدخل لمعرفة الطاهر وطار بشخصيات الناس التي ساعدته ليصنع شخصيات روائية نموذجية. أما الأستاذ بن يوسف جديد المشرف على مجلة القصية التي أسندها له الطاهر وطار، فقد قال في سياق حديثه: أشهد أن الطاهر وطار لم يتدخل في كيفية برمجة المجلة ولو مرة واحدة، وأنه كان يتحمل الرأي المضاد ويطالب مقارعة الحجة بالحجة ولايهمه رفض الآخر أو رضاه. أما الأستاذة غنية سيد عثمان التي تحضر لرسالة ماجستير بعنوان »مشاهد الإغواء في روايات الطاهر وطار« فقد أكدت أن شيخ الرواية الجزائرية صاحب نكتة رغم جديته في العمل، ورأت في تحليلها واستكشافها من خلال دراسة شخصيات روايات الطاهر وطار أنه يوظف الجانب الجنسي والديني والسياسي وهذا يرجع حسبها إلى النزعة البدائية في النظام، النظام يشمل كل ماله علاقة بالدين والسياسة كصورة أرضية للدين، وتخلص سيد عثمان إلى القول إن الغواية رديف الحرية والحرية من الحب، وإن الجنس مقيد بروابط النظام. الدكتورة نبيلة زويش حللت هي الأخرى أعمال الطاهر وطار تحليلا مفصليا خصوصا في الجانب المتعلق بمرجعية الشخصية عند الطاهر وطار، وتناولت هذا المرجع من خلال مسار الطاهر وطار وكتاباته، سواء كانت هذه الشخصيات رئيسية أو ثانوية بالمفهوم الكلاسيكي، فاعلة وعاملة أو ممثلة تؤدي أدوارا وتقيم العلاقات فيما بينها، وترى عكس مارأته سيد عثمان بأن الجنس عند الطاهر وطار فحولة. كما كانت تدخلات من جانب الجمهور الحاضر لهذا التكريم أجمع على قدرة هذا الروائي الأدبية وإنسانيته وشجاعته، وقد سلمت مؤسسة فنون وثقافة لوحة نحاسية تكريمية استلمها عنه بالنيابة نائبه في إدارة مؤسسة الجاحظية، ووزعت بعد ذلك الجوائز على الشعراء الفائزين في المسابقة الشعرية السابعة لمدينة الجزائر.