كشف البرفسور والمفكر الجزائري محمد أركون، أن الرئيس الفرنسي الراحل فرانسوا ميتران، عرض عليه مشروعا لإقامة مدرسة كبرى لتدريس علم الإسلام أو الإسلامولوجيا، في فرنسا، في لقاء جمعه معه في أواخر عهده برئاسة الجمهورية الفرنسية، مشيرا بأسف إلى العقبات التي واجهت تحقيق هذا المشروع، بما في ذلك معارضة بعض المقربين من ميتران آنذاك ووجّه أركون، في حفل تكريمه بسفارة قطر في باريس خلال افتتاح أولى النشاطات الثقافية التي تقيمها بمناسبة اختيار الدوحة “عاصمة الثقافة العربية” لعام 2010، انتقادا للذين يرفضون، في العالم العربي الإسلامي، قراءة الثقافات الأخرى، كما وجه انتقادا إلى بعض المثقفين في الغرب واتهمهم بنسيان فكر عصر الأنوار واللجوء إلى الأفكار المعممة والمسبقة. كما شدد المفكر الجزائري على أهمية المعرفة التاريخية في قراءة الحاضر، لكنه شدد في المقابل على أهمية النظرة النقدية والحرص على وجود رؤية الآخر المضادة، سعيا وراء فهم أعمق للحقائق وبناء المستقبل. البروفيسور محمد أركون، أستاذ تاريخ الفلسفة الإسلامية في جامعة السوربون، كرّم من طرف السفارة القطرية بباريس أول أمس بمعيّة البرفسور جان فيليب برا أستاذ القانون في كلية الحقوق في جامعة روان ومدير معهد الدراسات حول الإسلام والمجتمعات المسلمة، حيث جاء في كلمة السفير القطري بباريس، محمد جهام الكواري، الذي افتتح اللقاء، “نوجه تحية للعمل النقدي المذهل الذي قام به أركون وبرا، كل على طريقته حيث مقارباتهما الفكرية، فيما يتجاوز الطموح الثقافي، هي مقاربات هامة من حيث النتائج ومن حيث الإحترام الذي تفرضه”. واعتبر السفير القطري أن محمد أركون، الذي وضع النقاش حول صيرورة الإسلام، في موضع يتعدى المواجهة الصورية والتبسيطية بين ما هو ديني وما هو علماني، أدرك الفائدة التي تترتب على إسماع صوت العقل وعلى نقل العمل النقدي إلى رهانات أكثر عمقا وأهمية مثل مسألة “التعصب إلى الحقيقة”، واعتبر الكواري أن أركون في كل عمله الفكري يوجه في ظروف دولية معقدة رسائل تدعو للتهدئة والتوافق. في سياق متصل، اختاره سفير دولة قطر في باريس، شعار “الدوحة عاصمة الثقافة العربية” عنوانا للجائزة التي سيكرم معها عشرون من كبار المثقفين العرب المقيمين في فرنسا، يواكبهم عشرون مثقفا فرنسيا يختارهم نظراؤهم العرب، خلال أمسيات ثقافية يناقش فيها المكرمون الفرنسيون والعرب طوال عام 2010 موضوع “المشترك الثقافي بين فرنسا والعالم العربي”، الذي سيشكل عنوان الكتاب الذي سيصدر في نهاية هذا العام، ويتضمن مداخلات وكلمات جميع المثقفين الذين يمثلون ميادين الشعر والأدب والفكر والمعرفة والفن كافة، حيث سينال كل منهم مكافأة مالية قيمتها 10 آلاف أورو، وهو المبلغ الذي تسلمه أول أمس كل من محمد أركون، في اللقاء الذي جمع حشدا من كبار الشخصيات الفرنسية والعربية وأساتذة الجامعات والمثقفين والفنانين والدبلوماسيين والإعلاميين، منهم الكاتب والمفكر مدير مجلة لونوفل أوبسرفاتور جان دانييل، ورئيس جامعة روان جان لوك ناهيل، والشاعرة فينوس خوري غطا، والمفكر مالك شبل، ورئيس المهد الكاثوليكي السابق مدير إدارة شؤون الأديان في وزارة الخارجية الفرنسية الكاتب جوزيف ميلا، ومدير شؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في الخارجية الفرنسية باتريس باولي، وسفير لبنان بطرس عساكر.