عجزت سلطات بلدية الكاليتوس بالعاصمة على احتواء ظاهرة التوسع الفوضوي عبر إقليمها،على غرار حي الأكراد الذي يعد من بين أكبر التجمعات الفوضوية التي يصعب الاقتراب منها نظرا لصعوبة موقعه من جهة وسكانه الذين شكلوا حصنا يصعب اختراقه يصرخون بأعلى صوت “أنقذونا... نواجه الموت المحتم” من جهة أخرى الأمر الذي حال دون القضاء على مشكل التوسع الفوضوي بمنطقة حاصرتها الإعتداءات والسرقة من كل ناحية. كانت عقارب الساعة تشير الى العاشرة صباحا عندما توجهت “الفجر” إلى بلدية الكاليتوس، التي تتميز ببعد أحيائها عن بعضها البعض، مما حال دون إيجاد الموقع الذي كنا نريد الوصول إليه، غير أنه وبعد بحث طويل وسط مجمع سكني كبير يضم سكنات فردية غاية في الجمال، تمكنا من إيجاد حي الأكراد القصديري، يصعب لأول وهلة إدراكه نظرا للهدوء الذي يتميز به، بالإضافة إلى أن واجهته كانت عادية لا توحي بوجود حي فوضوي ذي شعبية كبيرة لدى العام والخاص، نظرا لما قيل عنه خلال السنوات الماضية والذي وصل حد صعوبة إحصائهم. وكانت وجهتنا إلى الحي نظرا لما أشيع عنه، وهذا ما أثار فضولنا قصد التوغل أكثر فيه لمعرفة المزيد عن خباياه. كشفت لنا أول زيارة له نظرة مغايرة أكدتها طيبة العائلات التي استقبلتنا بصدر رحب من أجل سرد معاناتها مع مكان حوّل حياتهم إلى جحيم حقيقي نظرا لرداءة سكناته من جهة، وانعدام أدنى شروط الحياة به من جهة أخرى. قناة الغاز تهدد حياة سكان حي الأكراد بينما كنا نتجول رفقة ممثل الحي في أرجاء المكان سمعنا عجوزا تنادي وتقول “أنتم الصحافة تعالوا لكي تلاحظوا بأم عينكم على ماذا أنام”.. استغربنا وتساءلنا عن الشيء الذي تنام عليه العجوز وما جعلها تنادي بأعلى صوتها وتستنجد، اقتربنا من منزلها وبالضبط من غرفتها، فإذا بنا نجد الكارثة الحقيقية.. ثقب كبير في البلاط يتوسطه أنبوب غاز ضخم، اقتربنا لنعرف حدوده التي تصل حسب المعاينة الميدانية للمكان إلى واجهة الحي، اقتربنا من بعض العائلات لنسألها عن الخطر المحدق بها فأجابتنا “لاحظوا الثغرات الموجودة على مستوى الأرضية تدركون ما نتخبط فيه”. نفس الخوف يعيشه سكان الأحياء المجاورة الذين استنكروا الوضع القائم وطالبوا بتدخل الجهات المسؤولة من خلال ضم صوتهم لصوت سكان الحي في الشكاوي الموجهة إلى مختلف الجهات بغرض النظر فيها، الأمر الذي ساعدنا على معرفة حيثيات قضية قناة الغاز التي تحولت مع مرور الوقت إلى هاجس يؤرق حياة قاطنيه، إلا أنه ورغم خطورته لم تتحرك السلطات المعنية. خطر الأسلاك الكهربائية العشوائية يهدد حياة رضيع الشيء الذي يلفت الانتباه بمجرد دخول الحي، تواجد شبكة عنكبوتية تشكّلها أسلاك كهربائية موصلة بطريقة عشوائية تنذر بكارثة حقيقية تستدعي التدخل العاجل، خاصة أن الأسلاك متدلية وعارية قد يتعرض السكان لصعقة كهربائية منها في أي لحظة، مثلما حدث السنة الماضية مع إحدى العائلات التي عاشت فاجعة شرارة كهربائية كادت تودي بحياة أفرادها لولا تدخل الجيران. نفس الخطر وقفنا عنده عندما قصدنا عائلة زميت، وبالضبط إلى غرفة رضيع لا يتعدى عمره 3 أشهر، وجدناه نائما، والأخطر في كل هذا أن الأمطار بدأت تتساقط ما يعني احتمال وقوع شرارة كهربائية قد تودي بحياته. وفي حديثنا مع الأم حول خطورة الوضع على ابنها قالت “كل الغرف متشابهة فكيف لي أن أحمي طفلي؟”، فالوضع المأساوي يتقاسمه كل أفراد الحي كبيرا وصغيرا، غير أن الخطورة تختلف من سكن لآخر حسب طريقة إيصال الكهرباء. البلدية تقدم الأدوية مجانا بدل الترحيل إلى سكنات لائقة يعيش معظم سكان حي الأكراد وضعا كارثيا جراء الأمراض الخطيرة المتربصة بهم، والناتجة عن رداءة مكان أصبح لا يصلح لعيش الحيوان، فما بالك بالإنسان، لاسيما بعد إصابته بأمراض خطيرة ألزمته الخضوع للمعالجة الطبية الدائمة. هذا ما وقفنا عليه عندما زرنا بعض المنازل التي تحتوي ركاما من الأدوية الموضوعة فوق الطاولات، وأغلبيتها أدوية لأمراض صدرية وتنفسية ناتجة عن الرطوبة العالية.. فالمظهر كله واحد والمعاناة واحدة، والغريب أن البلدية تقدم الأدوية مجانا بدل معالجة الوضع الذي يستدعي الترحيل الفوري. حصن حي الأكراد الفوضوي وليد الإعتداءات والسرقة شكل حصن الأكراد الفوضوي خطرا على بعض سكانه بسبب تفشي ظاهرة الإعتداءات والسرقة، لاسيما خلال السنوات الأخيرة، ودون أي تدخل يذكر لرجال الأمن، ما سمح للظاهرة بأخذ منحى آخر من خلال بروز ظاهرة أخرى لا تقل عن سابقتها، والمتمثلة في بروز عمليات مخلة بالحياء، الأمر الذي لم يهضمه السكان خوفا على مصير أبنائهم من الإنحراف. موازاة مع ذلك، اعترف رئيس بلدية الكاليتوس، وشير عبد الغاني، بالمشكل، غير أن حله كما أخبرنا ليس بيده على اعتبار أنه يدخل ضمن صلاحيات الولاية التي لها القرار الأول والأخير في عملية الترحيل. أما عن المشاكل التي يواجهونها، فقال إن تشكيل لجنة الحي سمح بعرض مشاكلهم على طاولة النقاش وهم الآن بصدد إيجاد الحلول لها.